الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي ٱلأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

ولما بالغ في تخويفهم بأحوال أهل الآخرة أردفه بيان تخويفهم بأحوال الدنيا فقال { أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ } والمعنى أن العاقل من اعتبر بغيره، فإن الذين مَضَوْا من الكفار كانوا أشد قوة من هؤلاء الحاضرين من الكفار، وأقوى آثاراً في الأرض أي حصونهم وقصورهم وعساكرهم، فلما كذبوا رسلهم أهلكهم الله عاجلاً حتى إن هؤلاء الجاحدين من الكفار شاهدوا تلك الآثار فحذرهم الله من مثل ذلك وقالوَمَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ } [الرعد:34] أي لما نزل العذاب بهم لم يجدوا مُعِيناً يخلصهم.

قوله " فَيَنْظُرُوا " يجوز أن يكون منصوباً في جواب الاستفهام، وأن يكون مجزوماً نَسَقاً على ما قبله كقوله:
4331ـ أَلَمْ تَسْأَلْ فَتُخْبِرْكَ الرُّسُومُ   ...........................
رواه بعضهم بالجزم، والنصب.

قوله " مِنْهُمْ " قُوَّةً " قرأ ابن عامر " مِنْكُمْ " على سبيل الالتفات، وكذلك هو في مصاحفهم، والباقون " منهم " بضمير الغيبة جرياً على ما سبق من الضمائر الغائبة.

قوله: " وَآثاراً " عطف على " قوة " وهو في قوة قوله " وَتَنْحتُونَ مِنَ الجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ ". وجعله الزمخشري منصوباً بمقدر، قال: أو أراد أكثر آثاراً كقوله: " مُتَقَلِّداً سَيْفاً وَرُمْحاً " (يعني وَمُعْتَقِلاً رُمْحاً)؟ ولا حاجة إلى هذا مع الاستغناء عنه.

قوله " ذَلِكَ " أي ذلك العذاب الذي نزل بهم { بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } وهو مبالغة في التخويف والتحذير.