الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَٰماً وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا وَٱكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً }

أصل تُؤْتُوا تُؤتيوا: تُكْرِموا فاستثقلت الضمةُ على الياءِ فَحُذِفَت الضمة، فالتقى ساكنان: الياء وواو الضمير فحذفت الياء لئلا يلتقي ساكنان.

والسُّفَهاء جمع: سفيه، وعن مجاهد: " المراد بالسُّفَهاءِ " النِّسَاءِ مَنْ كُنَّ أزواجاً، أو بنات، أو أمهات، وضَعَّفَهُ بَعْضُهُم بأنَّ فَعِيلة إنَّما تُجْمَع على فَعَائلِ أوْ فَعِيلات، قاله [أبو البقاء] وابن عطية، وقد نقل بعضهم أنَّ سَفَيهةَ تُجْمَعُ: على " سُفَهَاءَ " كالمُذكَّر، وعلى هذا لا يَضْعُفُ قول مُجَاهِدٍ. وجمعُ فَعِيلَةٍ الصِّفَةِ على فُعَلاء وَإنْ كان نادراً، إلاَّ أنَّهُ قد نُقِلَ في هذا اللَّفْظِ خُصوصاً، وتخصيصُ ابن عطية جمع فَعِيلة بِفَعائِلٍ، أوْ فَعِيلات ليس بظاهر، لأنَّهَا يَطَّرد فيها أيْضاً " فِعَال " نحو: كريمةٍ، وَكرامٍ، وظريفةً، وظِراف، وكذلك إطلاقهُ فَعِيلة، وَكَانَ مِنْ حَقِّه أنْ يقيِّدَها بألاَّ تكون بمعنى: مَفْعُولةٍ، تَحَرُّزاً من قتيلة فَإنَّها لا تُجْمَعُ على فَعَائِل.

والجمهورُ قرؤوا (الَّتِي) بلفظِ الإفراد صفةً للأمْوَالِ، وإنْ كانت جَمْعاً؛ لأنَّهُ تَقَدَّم أنَّ جمع ما لا يعقل من الكثرة، أو لم يكن له إلا جمعٌ واحدٌ، الأحسنُ فيه أنْ يُعَامَل مُعَاملةَ الوَاحِدَةِ المؤنَّثة، والأمْوالِ من هذا القبيل، لأنَّهَا جمعُ ما لا يَعْقل، ولم تُجْمَع إلاَّ على أفْعال، وإنْ كانت بلفظِ القِلَّةِ؛ لأن المرادَ بها الكثرة.

وقرأ الحسن والنخعي " اللاتي " مطابقةٌ للفظ الجمع، وكان القياسُ ألاَّ يوصف بـ " اللاتي " إلا ما يُوصَف مفرده بـ " التي " والأموال لا يوصف مفردها وهو " مال " بـ " التي ".

وقال الفراء: العرب تقول في النِّساءِ " اللاتي " أكثر مما تقول " التي " ، وفي الأموال: " التي " أكثر مما تقول " اللاَّتي " وكلاهما جائز.

وقرئ " اللَّواتي " فيه جمع الجمع وهي جمع اللاتي أو جمع " التي " نفسها.

قوله: " قياماً " إن قلنا: أن " جَعَلَ " بمعنى صَيَّرَ فـ " قياماً " مفعول ثانٍ، والأول محذوف، وهو عائد الموصول والتقدير: الَّتِي جعلها اللَّهُ، أي: صَيَّرَها لكم قياماً، وَإنْ قُلْنَا: إنها بمعنى " خلق " فـ " قياماً " حال، من ذلك العائد على المحذوف، والتقدير: جعلها أي: خلقها وأوجدها في حال كونها قياماً.

وقرأ نافع وابن عامر " قيماً " ، وباقي السبعة " قياماً " وابن عمر " قِواماً " بكسر القاف، والحسن وعيسى بن عمر " قَواماً " بفتحها وَيُرْوَى عَنْ أبي عمرو، وقرئ " قِوَماً " بزنة " عِنب ".

فَأَمَّا قراءة نافع وابن عامر ففيها ثلاثة أوجه:

أحدها: أن " قِيماً " مصدر كالقيام وليس مقصوراً منه قال الكسائِيُّ والأخْفشُ والفراء.

السابقالتالي
2 3 4 5