الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً }

قوله: { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ } " مَنْ " شرطيَّة [مبتدأ]، والخبر " فَسَوْفَ " والفاءُ هنا واجبة لِعَدَمِ صلاحيَّةِ الجَوَابِ للشَّرْطِ، و " ذَلِكَ " إشارةٌ إلى قتل الأنفُسِ قال الزَّجَّاجُ: يَعُودُ إلى قَتْلِ الأنْفُسِ، وأكل المالِ بالبَاطِلِ؛ لأنَّهُمَا مذكوران في آية واحدة.

وقال ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّهُ يعودُ على كُلِّ ما نهى اللَّهُ عنه من أوَّلِ السُّورةِ إلى هذا المَوْضعِ، وقال الطَّبريُّ: " ذلك " عائد على ما نهي عنه من آخر وعيد وذلك قوله تعالى:يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً } [النساء: 19]؛ لأنَّ كل ما ينهى عنه من أوَّلِ السُّورةِ قرن به وعيد، إلا مِنْ قوله:يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً } [النساء: 19] فإنَّهُ لا وعيدَ بَعْدَهُ إلا قوله: { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ عُدْوَاناً } [النساء: 30] الآية. وقيل الوعيد بذكر العُدْوَانِ والظُّلْمِ، ليخرج منه فعل السَّهْوِ والغلط، وذكر العًُدْوَانِ، والظُّلْمِ مع تقارب معناهما لاختلافِ ألفاظِهِما كقوله: " بُعْداً " و " سُحْقاً " وقوله يعقوب عليه السلام:إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ } [يوسف: 86] وقوله: [الوافر]
1791- أ-...........................   وألْفَى قَوْلَهَا كَذِباً وَمَيْنَا
و " عدواناً وظلماً " حالان أي: متعدياً ظالماً أو مفعول من أجلها وشروط النصب متوفرة وقُرِئَ: " عِدْواناً " بكسر العين. و " العدوان ": مُجاوَرَةُ الحَدّ، والظُّلْمُ: وضع الشَّيْءِِ في غير مَحَلِّه، ومعنى { نُصْلِيهِ نَاراً } ، أي: يمسُّه حَرُّهَا. وقرأ الجمهور: { نُصْلِيهِ } من أصْلَى، والنون للتعظيم. وقرأ الأعْمَشُ: " نُصَلِّيه " مُشَدّداً.

وقرئ: " نَصْليه " بفتح النُّونِ من صَلَيْتُه النَّار. ومنه: " شاة مصلية ".

و " يصليه " بياء الغَيْبَةِ. وفي الفاعِلِ احتمالان:

أحدهُمَا: أنَّهُ ضميرُ الباري تعالى.

والثَّاني: أنَّهُ ضميرٌ عائدٌ على ما أُشير به إلَيْهِ مِنَ الْقَتْلِ؛ لأنَّهُ سَبَبٌ في ذلك ونكر " ناراً " تعظيماً.

{ وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } أي: هيناً.