الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَٰثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَٰناً مَّرِيداً } * { لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً } * { وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ ٱلأَنْعَٰمِ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيْطَٰنَ وَلِيّاً مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً } * { يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً } * { أُوْلَـٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً }

" إن " هُنَا مَعْنَاها: النَّفْي؛ كقوله - تعالى -:وَإِن مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ } [النساء: 159] " ويَدْعُون ": بمعنى: يَعْبُدُون، نزلت في أهْل مَكَّة، أي: يَعْبُدُون، كقوله [- تعالى -]:وَقَالَ رَبُّكُـمُ ٱدْعُونِيۤ } [غافر: 60] فإنَّ مَنْ عَبَد شَيْئاً، فإنَّه يدعوه عِنْد احْتِيَاجِهِ إليْه، وقوله: " مِن دُونِهِ " أي: من دُونِ اللَّه.

قوله: " إلا إناثاً ": في هذه اللَّفْظَةِ تِسْعُ قراءاتٍ.

المشهُورةُ: وهي جَمْع أنْثى، نحو: رباب جمعُ رُبَّى.

والثانية: وبها قَرَأ الحسن: " أنْثَى " بالإِفْرَاد، والمرادُ به الجَمْع.

والثالثة: - وبها قَرَأ ابن عبَّاسٍ، وأبو حَيْوَة، وعَطَاء، والحَسَن أيْضاً، ومعاذ القَارِئ، وأبو العَالِيَة، وأبُو نُهَيْك -: " إلا أنُثاً " كرُسُل، وفيها ثلاثةُ أوجه:

أحدها: - [وبه] قال ابن جَرِيرٍ - أنه جمعُ " إناث "؛ كثِمار وثُمُر، وإناثٌ جمع أنْثَى، فهو جَمْع الجَمْع، وهو شَاذٌّ عند النحويِّين.

والثاني: أنه جَمْع " أنيثٍ " كَقَلِيب وقُلُب، وغَدِير وغُدُر، والأنيثُ من الرِّجَال: المُخَنَّثُ الضَّعِيفُ، ومنه " سَيْف أنِيثٌ، ومئنَاث، ومئنَاثَة " أي: غَيْر قَاطِعٍ قال صخر: [الوافر]
1877- فَتُخْبِرهُ بأنَّ العَقْلَ عِنْدِي   جُرَازٌ لا أفَلُّ وَلاَ أنِيثُ
والثَّالث: أنه مُفْرَدٌ أي: يكون من الصِّفات التي جاءت على فُعُل، نحو: امرأة حُنُثٌ.

والرابعة: وبها قَرَأ سَعْدُ بن أبِي وقَّاصٍ، وابْن عُمَر، وأبو الجَوْزَاء - " وثنا " بفتحِ الواوِ والثَّاء على أنَّه مفردٌ يراد به الجَمْع.

والخامسة - وبها قَرَأ سعيد بن المُسَيب، ومُسْلم بن جُنْدُب، وابن عبَّاسٍ أيْضاً - " أثُنا " بضم الهمزة والثاء، وفيها وجهان:

أظهرهما: أنه جَمْع وثَن، نحو: " أسَد وأُسُد " ثم قَلَب الوَاوَ همزةً؛ لضمِّها ضمّاً لازماً، والأصْلُ: " وُثُن " ثم أُثُن.

والثاني: أن " وَثَناً " المُفْردَ جمع على " وِثانٍ " نحو: جَمَل وجمال، وجَبَل وجِبال، ثم جُمِع " وثان " على " وُثُن " نحو: حِمَار وحُمُر، ثم قُلبت الواوُ همزةً لما تقدَّم؛ فهو جمعُ الجَمْعِ. وقد رَدَّ ابن عَطِيَّة هذا الوجه بأنَّ فِعَالاً جمعُ كثرة، وجُمُوعُ الكَثْرة لا تُجْمَع ثانياً، إنما يُجْمَعُ من الجُمُوعِ ما كان من جُمُوعِ القِلَّة. وفيه مُنَاقَشَةٌ من حَيْثُ إنَّ الجَمْع لا يُجْمَع إلا شَاذّاً، سواءً كان من جُمُوعِ القِلَّة، أم من غيرها.

والسادسة - وبها قَرَأ أيُوب السَّختياني -: " وُثُناً " وهي أصْل القراءة التي قبلها.

والسَّابعة والثَّامنة: " أُثْنا ووُثْنا " بسُكُونِ الثَّاء مع الهَمْزَة والوَاوِ، وهي تَخْفِيفُ فُعُل؛ كسُقُف.

والتاسعة - وبها قرأ أبو السوار، وكذا وُجِدَتْ في مُصْحَفِ عَائِشة - رضي الله عنها -: " إلا أوْثاناً " جَمْعَ " وَثَن " نَحْو: جَمَل وأجْمال، وجَبَل وأجْبال.

السابقالتالي
2 3 4 5 6