الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } * { إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ } * { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } * { فَسَجَدَ ٱلْمَلاَئِكَةُ كُـلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } * { إِلاَّ إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } * { قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ } * { قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } * { قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } * { وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ } * { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } * { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ } * { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ }

قوله: " إِذْ يَخْتَصِمُونَ " فيه وجهان:

أحدهما: هو منصوب بالمصدر أيضاً.

والثاني: بمضاف مقدر أي بكَلاَم الملأ الأعلى إذْ؛ قال الزمخشري، والضمير في " يَخْتَصِمُونَ " للملأ الأعلى هذا هو الظاهر، وقيل: لقُرَيْش أي يختصمون في الملأ الأعلى فبعضهم يقول: بنات الله، وبعضهم يقول غير ذلك فالتقدير إذْ يختصمون فيهم؛ (يعني) في شأنِ آدم، قال الله تعالى:إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا } [البقرة:30].

فإن قيل: الملائكة لا يجوز أن يقال: إنهم اختصموا بسبب قولهم: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، والمخاصمة مع الله كفر.

فالجواب: لا شك أنه جرى هناك سؤال وجواب وذلك يشبه المخاصمة والمناظرة والمشابهة علة لجواز المجاز فلهذا السبب حسن إطلاق لفظ المخاصمة عليه، ولما أمر الله تعالى محمداً - صلى الله عليه وسلم - أن يذكر هذا الكلام على سبيل الرمز أمره أن يقول: { إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } يعني أنا ما عرفت هذه المخاصمة إلا بالوحي.

قوله: { إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ } العامة على فتح همزة " أنَّما " وفيها وجهان:

أحدهما: أنها مع ما في خبرها في محل رفع لقيامها مقام الفاعل أي ما يوحى إلَيَّ (إلا) الإنذار أو إلا كوني نذيراً مبيناً.

والثاني: أنها في محل نصب أو جر بعْدَ إسقاط لام العلة والقائمة مقام الفاعل على هذا الجار والمجرور أيْ ما يوحى إليّ إلاّ للإنذار، أو لكوني نذيراً، ويجوز أن يكون القائم مقام الفاعل على هذا ضميراً يدل عليه السياق أي ما يوحى إليّ ذَلِكَ الشيءُ إلا للإنذار. وقرأ أبو جعفر بالكسر؛ لأن الوحي قول، قاله البغوي. وهي القائمة مقام الفاعل على سبيل الحكاية كأنه قيل: ما يُوحَى إلَيَّ إلا هذه الجملة المتضمنة لهذا الإخْبار، وقال الزمخشري: (على) الحكاية أي إلا هذا القول وهو أنْ أقولَ لكم إِنَّمَا أَنَا نذيرٌ مبينٌ ولا أَدَّعِي شيئاً آخَرَ. قال أبو حيان: وفي تخريجه تعارض لأنه قال إلا هذا فظاهره الجملة التي هي " إنِما أنَا نذيرٌ مبين " ثم قال: وهو أن أقول لكم إني نذير، فالقائم مقام الفاعل هو أن أقوال لكم وإنِّي وما بعده في موضع نصب. وعلى قوله: " إلاّ هذا القول " يكون في موضع رفع فتَعَارَضَا.

قال شهاب الدين: ولا تعارض البتة لأنه تفسير معنى في التقدير الثاني وفي الأول تفسير إعراب فلا تعارض.

قوله: " إِذْ قَالَ " يجوز أن يكون بدلاً من " إذْ " الأولى وأن يكون منصوباً باذْكُرْ مقدراً. قال الأول الزمخشري وأطلق، (و) أبو البقاء الثاني وأطلق. وفصل أبو حيان فقال بدل من " إِذْ يَخْتَصِمُونَ " هذا إذا كانت الخصومة في شأن مَنْ يستخلف في الأرض وعلى غيره من الأقوال يكون منصوباً " باذْكُرْ " انتهى.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7