الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ } * { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } * { إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ } * { وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } * { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ } * { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ } * { وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ } * { لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { فَكَفَرُواْ بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }

قوله: { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ } في المعطوف وجهان:

أحدهما: أنه معطوف على اسم " إنَّ " " وما " نافية و " أَنْتُمْ " اسمها أو مبتدأ. و " أنتم " فيهِ تغليب المخاطب على الغائب إذ الأصلُ فإنَّكُمْ ومَعْبُودكُمْ ما أنتم وَهُو؛ فغلب الخطاب (و) " عَلَيْهِ " متعلق بقوله " بفَاتِنِينَ " والضمير عائد على " مَا تَعْبُدُونَ " بتقدير حذف مضاف وضمن " فاتنين " معنى حاملين على عبادته إلا الذي سبق في علمه أنَّه من أهل صَلْي الجَحِيم و " من " مفعول بفَاتِنينَ. والاستثناء مفرغ.

الثاني: أنه مفعول معه وعلى هذا فيحسن السكوت على تعبدون كما يحسن في قولك: إنَّ كُلَّ رَجُل وَضَيْعَتَهُ. (وحكى الكسائي: إنَّ كُلَّ ثَوْبٍ وثمَنَهُ، والمعنى إنكم مع معبودكم مقرنون) كما تقدر ذلك في كل رجل وضيعته مقترنان. وقوله: { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } مستأنف أي ما أنتم على ماتعبدون بفاتنين أو بحاملين على الفِتنة، " إلاَّ مَنْ هُوَ ضَالّ " مثلكم، قاله الزمخشري، إلا أن أبا البقاء ضعف الثاني وتابعه أبو حيان في تضعيفه لعدم تبارده (إلى) الفهم، قال شهاب الدين: الظاهر أنه معطوف واستئناف " ما أنتم عليه فاتنين " غير واضح والحق أحق أن يتبع.

وجوز الزمخشري أن يعود الضمير في " عليه " على الله. قال: فإن قلت: كيف يفتنونهم على الله؟.

قلت: يفسدونهم عليه بإغوائهِمْ من قولك: فَتَنَ فلانٌ على امرأته كما تقول: أَفْسَدَها عليه وخيبها عليه، و " مَنْ هُوَ " يجوز أن تكون موصولةً أو مصوفةً. وقرأ العامة صَالِ الجَحِيم بكسر اللام لأنه منقوص مضاف حذفت لامه لالتقاء الساكنين وحمل على لفظ " مَنْ " فأُفْرِدَ " هو ".

وقرأ الحسن وابنُ أبي عبلة بضم اللام مع واو بعدها فيما نقله الهُذَلِيّ عنهما، و (ابن عطية) عن الحسن (وقرأ بضمها مع عدم واو (بعدها) فيما نَقَلَ ابنُ خالويه عَنْهُمَا) وعن الحسن فقط فيما نقله الزمخشري، وأبو الفضل. فأما مع الواو فإنه جمع سلامة بالواو والنون ويكون قد حُمِلَ على لفظ " من " أولاً فأفرد في قوله: " هُوَ " وعلى معناها ثانياً فجمع في قوله: " صَالُو " وحذفت النون للإضافة ومما حمل فيه على اللفظ والمعنى في جملة واحدة وهي صلة الموصول قوله تعالى:إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } [البقرة:111] فأفرد في " كَانَ " وجمع في " هُوداً ". ومثله قوله:
4227- وَأَيْقَظَ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ نِيَاماً   
وأما مع عدم الواو فيحتمل أن يكون جمعاً (أيضاً) وإنما حذفت الواو خطًّا كما حذفت لفظاً، وكثيراً ما يفعلون هذا يُسْقِطُونَ في الخطِّ ما يَسْقُطُ في اللفظ، ومنه

السابقالتالي
2 3