الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ لُوطاً لَّمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عَجُوزاً فِي ٱلْغَابِرِينَ } * { ثُمَّ دَمَّرْنَا ٱلآخَرِينَ } * { وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ } * { وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } * { فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } * { فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ } * { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } * { لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ } * { وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ } * { وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } * { فَآمَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ }

قوله تعالى: { وَإِنَّ لُوطاً لَّمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } تقدم الكلام على نظيره، وقوله: " مُّصْبِحِينَ " حال، وهو من أصْبَحَ التامة أي داخلين في الصَّبَاح، ومنه:
4222- إذَا سَمِعْتَ بِسُرَى القَيْـ   ـنِ فَاعْلَمْ بأَنَّه مُصْبِح
أي مقيم في الصباح، وتقدم ذلك في سورة الروم، و " بِاللَّيْلِ " عطف على الجارِّ قَبْلَها، أي ملتبسين بالليل، والمعنى أن أولئك القوم كانوا يسافرون إلى الشام، والمسافر في أكثر الأمر إنما يَمْشِي في الليل أو في النهار فلهذا السبب عبر تعالى عن هذين الوقتين ثم قال: { وَبِٱلْلَّيْلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أي ليس فِيكُمْ عقول تَعْتَبرُون بها قوله: { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } قرىء بضم النون وكسرها، قال الزمخشري، قال ابن الخطيب: وإنَّما صارت هذه القصة آخر القصص لأنه لم يصبر على أذى قومه، قال المفسرون: بَعَثَ الله تعالى يُونسَ عليه (الصلاة و) السلام إلى أرض نينَوى من أرض الموصل فدعاهم إلى الله - عز وجل - فكذبوه وتمادوا عليه على كفرهم فلما طال ذلك عليه خرج من بين اظهرهم وواعدهم حلول العذاب بعد ثلاث كما سياتي.

قوله: " إِذْ أَبَقَ " (ظرف للمُرْسَلِين، أي هو من المرسلين، حتى في هذه الحالة و " أَبَقَ " هرب يقال: أَبَقَ العَبْدُ يأبق إِبَاقاً فهو آبِقٌ و) الجمع إباق كضِرَابٍ، وفيه لغة ثانية أَبِقَ بالكسر يَأْبَقُ بالفتح وتَأَبَّقَ الرجلُ تشبه به في الاستتار، وقول الشاعر:
4223-.............   (وَ) أَحْكَمَتْ حَكَمَاتِ القِدِّ وَالأَبَقَا
قيل: هو القِتب. (قوله): " فَسَاهَمَ " أي فغالبهم في المساهمة وهي الاقْتراعُ، وأصله (أن) يخرج السهم على من غلب " فَكَانَ مِنَ المُدْحَضِينَ " أي المغلوبين، يقال أدْحَضَ الله حُجَّتَهُ فَدَحِضَتْ أي أزالها فزالت وأصل الكلمة من الدَّحْضِ وهو الزّلق يقال: دَحِضَتْ رِجْلُ البعير إذا زَلِقَتْ.

فصل

قال ابن عباس ووهب: كان يونُس وعد قومه العذاب فلما تأخر عنهم خرج كالمتشرِّد منهم فقصد البحر فركب السفينة فاحتبست السفينة فقال الملاحون: ههنا عبد أَبَق من سيده فاقترعوا فوقعت القرعة على يونس فاقترعوا ثلاثاً فوقعت على يونس فقال يونس: أنا الآبق وزَجَّ نَفْسَهَ في الماء.

قوله: { فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ } المليم الذي أتى بما يلام عليه. قال:
4224- وَكَمْ مِنْ مُليمٍ لَمْ يُصَبْ بمَلاَمَةٍ   ومُشْبَعٍ بالذَّنْبِ لَيْسَ لَهُ ذنْبُ
يقال: ألاَمَ فلانٌ أي فعل ما يلام عليه، وقوله " وَهُو مُلِيمٌ " حال. وقرىء " مَلِيمٌ " بفتح الميم من لاَمَ يَلُومُ وهي شاذة جداً، إذا كان قياسها " مَلُومٌ "؛ لأنها من ذوات الواو كَمقُولٍ ومَصُوبٍ. قيل: ولكن أخذت من ليم على كذا مبنياً للمفعول ومثله في ذلك: شِيب الشيءُ فهو مَشِيبٌ ودُعِيَ فهو مَدْعِيٌّ. والقياس مَشُوبٌ وَمدعوٌّ لأنهما من يَشوب ويَدْعُو.

السابقالتالي
2 3 4