الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ } * { وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ } * { لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَىٰ ٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ } * { دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ } * { إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } * { فَٱسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ }

قوله: { إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ } قرأ عاصم برواية أبي بكر: " بِزِينَةٍ " منونة ونصب " الكواكب " وفيه وجهان:

أحدهما: أن تكون الزنية مصدراً، وفاعله محذوف بأن زين الله الكواكب في كونها مضيئةً حسنةً في أنفسها.

والثاني: أن الزينة اسم لما يزان به كاللِّيقَةِ اسم لما يُلاَقُ به الدَّوَاة فتكون الكواكب على هذا منصوبة بإضمار أعني أو يكون بدلاً من (الـ)ـسَّمَاء الدُّنْيَا بدل اشتمال أي كواكبها أو من محل " بزِينَةٍ " وحَمْزةُ وحفصٌ كذلك إلا أنهما خفضا الكواكب على أن يراد بزينة ما يزان به، والكواكب بدل أو بيان للزينة وهي قراءة مسروق بن الأجدع. قال الفراء: وهو رد معرفة على نكرة كقوله: " بالنَّاصِيَةِ. نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ " فرد نكرة على معرفة، وقال الزجاج: الكواكب بدل من الزينة لأنها هي كقولك: " مَرَرْتُ بأَبِي عَبْد اللَّه زَيْدٍ ". والباقون بإضافة زينَة إلى الكواكب. وهي تحتمل ثلاثة أوجه:

أحدها: أن يكون إضافة أعم إلى أخص فتكون للبيان نحو: ثَوْبُ خَزٍّ.

الثاني: أنها مصدر مضاف لفاعله أي بأن زَيَّنَتِ الكَوَاكِبُ السَّمَاءَ بضَوْئِهَا.

والثالث: أنه مضاف لمفعوله أي بأن زينها الله بأن جعلها مشرقة مضئية في نفسها، وقرأ ابن عباس وابن مسعود بتنوينها وبرفع الكواكب فإن جَعَلْتَهَا مصدراً ارتفع الكواكب به، وإن جعلتها اسماً لما يزان به فعلى هذا ترتفع " الكواكب " بإضمار مبتدأ أي هي الكواكب. وهي في قوة البدل، ومنع الفراء إعمال المصدر المنون وزعم أنه لم يُسْمَعْ، وهو غلط لقوله تعالى:إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ } [البلد:14] كما سيأتي إن شَاءَ اللَّهُ. قوله: " وَحِفْظاً " منصوب على المصدر، بإضمار فعل أي حَفِظْنَاهَا حِفظاً، وإما على المفعول من أجله على زيادة الواو، والعامل فيه زَيَّنَّا، أو على أن يكون العامل مقدراً أي لحِفْظِهَا زَيَّنَّاهَا أو على الحمل على المعنى المتقدم أي: إنا خلقنا السماء الدينا زينةً وحفظاً، و " مِنْ كُلّ " متعلق " بحفْظاً " إن لم يكن مصدراً مؤكداً، وبالمحذوف إن جعل مصدراً مؤكداً؛ ويجوز أن يكون صفةً " لِحفْظاً " ، قال المبرد: إذا ذكرت فعلاً ثم عطفت عليه مصدر فعل آخر نصبت المصدر لأنه قد دل على فعله كقولك: أفْعَلُ وكَرَامَةً لما قال أفعل علم أن الأسماء لا تعطف على الأفعال فكان المعنى أفْعَل ذَاكَ وأُكْرِمُكَ كَرَامَةً.

فصل

قال ابن عباس { زينا السماء الدنيا } بضوء الكواكب { وحفظناها من كل شيطان مارد } متمرد يرمون بها، وتقدم الكلام على المارد عند قوله:مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ } [التوبة: 101]. واعلم أنه تعالى بين أنه زين السماء لمنفعتين:

إحداهما: تحصل الزينة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6