الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ } * { هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ } * { لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ } * { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } * { وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ }

ثم بيّن حال المحسن فقال: { إِنَّ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ } فقوله: " فِي شُغُلٍ " يجوز أن يكون خبراً لـ " إنّ " و " فَاكِهُونَ " خبر ثانٍ وأن يكون " فاكهون " هو الخبر و " فِي شُغُلٍ " يتعلق به، وأن يكون حالاً، وقرأ الكوفيون وابنُ عامر " شُغُلٍ " بضمتين. والباقون بضم سكون. وما لغتان للحجازيين قاله الفراء، ومجاهدٌ وأبو السَّمَّال بفتحتين. ويزيد النحويّ وابنُ هُبَيْرَة بفتح وسكون. وهما (لغتان) أيضاً. والعامة على رفع " فاكهون " على ما تقدم. والأعمشُ وطلحةُ " فاكِهينَ " نصباً على الحال، والجار الخبر. والعامة أيضاً على فاكهين بالألف بمعنى أصحاب فاكهة كلاَبِنٍ وتَامِرٍ ولاَحِمٍ، والحسنُ وأبُو جَعْفَر وأبو حَيْوَة وأبو رجاء وشيبة وقتادة ومجاهد " فكهون " بغير ألف بمعنى طربون فرحون من الفُكَاهَةِ بالضم. وقيل: الفاكِهُ والفكه بمعنى المتلذذ والمتنعم لأن كلاًّ من الفاكهة والفكاهة مما يُتَلَذَّذُ بِهِ ويتنعم كحاذر وحذر، وقرىء " فَكِهِينَ " بالقصر والياء على ما تقدم. وفَكهُونَ بالقصر وضم الكاف، يقال: رجل فَكِه وفكُه كرجل ندِس وندُس وحَذِر وحذُر.

فصل

اختلفوا في الشغل فقال ابن عباس: في افتضاض الأبكار، وقال وكيع بن الجراح: في السماع. وقال الكلبي: في شغل عن أهل النار وما هم فيه لا يهمهم أمرهم ولا يذكرونهم. وقال ابن كيسان: في زيارة بعضهم بعضاً.

وقيل: في ضيافةِ الله فاكهون. وقيل: في شغل عن هَوْلِ اليوم بأخذ ما آتاهم الله من الثواب فما عندهم خير من عذاب ولا حساب. وقوله " فَاكِهُونَ " متمّمٌ لبيان سلامتهم فإنه لو قال: في شُغُل جاز أن يقال هم في شغل أعظم من التذكر في اليوم وأهواله فإن من يصيبه فتنة عظيمة ثم يعرض عليه أمر من أموره أو يخبر بخُسْران وقع في ماله يقول أنا مشغول عن هذا بأهمَّ منه فقال: فاكهونَ أي شغلوا عنه باللّذة والسُّرُور لا بالوَيْلِ والثُّبُور. وقال ابن عباس: فاكهون فَرِحُونَ.

قوله: " هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ " يجوز في " هم " أن يكون تأكيداً للضمير المستكنِّ في: " فَاكِهُونَ " و " أَزْوَاجُهُمْ " عطف على المستكن، ويجوز أن يكون تأكيداً للضمير المستكنِّ في " شُغُل " إذا جعلناه خبراً و " أزواجهم " عطف عليه (مستكن ويجوز أن أيضاً). كذا ذكره أبو حيان. وفيه نظر من حيثُ الفصلُ بين المؤكد والمؤكد بخير " أن " ، ونظيره أن نقول: " إنَّ زَيْداً فِي الدَّارِ قَائمٌ هُو وعَمْرو " على أن يجعل " هو " تأكيداً للضمير في قولك: " في الدار " ، وعلى هذين الوجهين يكون قوله: " مُتَّكِئُونَ " خبراً آخر لـ " إنّ " و " فِي ظِلاَلِ " متعلق به أو حال، و " عَلَى الأَرَائِكِ " متعلق به، ويجوز أن يكون " هم " مبتدأ ومتكئون خبره والجاران على ما تقدم، وجوز أبو البقاء أن يكون " فِي ظِلاَلٍ " هو الخبر قال " وعلى الأرائك " مستأنف.

السابقالتالي
2 3 4