الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } * { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

قوله: { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَذَا ٱلْوَعْدُ } أي القيامة والبعث " إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " وهذا إشارة إلى ما اعتقدوا أن التقوى المأمور بها في قوله:وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ } [يس:45] والإنفاق المذكور في قوله:وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ } [يس:47] لا فائدة فيه لأن لا حقيقة له وقولهم: { مَتَى هَذَا الوَعْدُ } أي متى يقع المَوْعُودُ به.

فصل

" إنْ " للشرط وهي تستدعي جزاء و " متى " استفهام لا تصلح جواباً فيه فما الجواب؟.

قيل: هو في صورة الاستفهام وهو في المعنى إنكار كأنهم قالوا: إن كنتم صادقين في قوع الحشر فَقُولُوا متى يكون.

فصل

الظاهر أن هذا الخطاب مع الأنبياء لما أنكروا الرسالة قالوا إن كنتم أيها المُدَّعونَ للرسالة صادقين فأخبرونا متى يكون ما تَعِدُونَنَا به.

فإن قيل: ليس في هذا الموضع وعد فالإِشارة بقوله: " هَذَا الوَعْد " إلى أي وعد؟

فالجواب: هو ما في قوله تعالى:وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } [يس:45] من قيام الساعة، أو نقول: هو معلوم وإن لم يكن مذكوراً لكون الأنبياء مقيمين على تذكيرهم بالساعة والحساب والثواب والعقاب.

قوله: { مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً }. قال ابن عباس: ما ينتظرون إلاّ الصيحة المعلومة يريد النفخة الأولى، والتنكير للتكثير.

فإن قيل: هم ما كانوا ينتظرون بل كانوا يجزمون بعدمها.

فالجواب: المراد بالانتظار فعلهم لأنهم كانوا يفعلون ما يستحق به فاعله الهوان وتعجيل العذاب وتقريب الساعة لولا حكم الله وعلمه بأنهم لا يفوتونه أو يقال: لما لم يكن قولهم " متى " استفهاماً حقيقياً قال ينتظرون انتظاراً غير حقيقي لأن القائل متى يفهم منه الانتظار نظر لقوله.

فصل

ذكر في الصيحة أموراً تدل على عظمها:

أحدها: التنكير

وثانيها: قوله " واحدة " أي لا يحتاج معها إلى ثانية.

ثالثها: " تأخذهم " أي تَعْمُّهم بالأَخْذِ وتصلُ إلى مَنْ في الأرض مشارقِهَا ومَغَارِبها.

قوله: " وَهُمْ يَخِصِّمُونَ " قرأ حمزة بسكون الخاء وتخفيف الصاد من خَصَم يَخْصِمُ. والمعنى يخصم بعضهم بعضاً فالمفعول محذوف، وأبو عمرو وقالون بإخفاء فتحة الخاء، وتشديد الصاد. ونافع وابن كثير وهشام كذلك إلا أنه بإخلاص فتحة الخاء، والباقون بكسر الخاء وتشديد الصاد والأصل في القراءات الثلاث يَخْتَصِمُونَ فأدغمت التاء في الصاد. فنافع وابن كثير وهشام نقولا فتحتها إلى الساكن قبلها نقلاً كاملاً، وأبو عمرو وقالون اختلسا حركتها تنْبِيهاً على أن الخاء أصلها السكون والباقون حذفوا حركتها فالتقى ساكنان كذلك فكسر(وا) أولهما. فهذه أربع قراءات قرىء بها في المشهور، وروي عن أبي عمرو وقالون سكون الخاء وتشديد الصاد فالنحاة يستشكلونها للجمع بين ساكنين على غير حَدَّيْهمَا.

السابقالتالي
2 3 4 5