الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } * { وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ ٱلْعُيُونِ } * { لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ } * { سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ }

قوله: " وَآيَةٌ " خبر مقدم و " لَهُمْ " صفتها أو متعلقة " بآية "؛ لأنها (بمعنى) علامة. و " الأرض " مبتدأ. وتقدم تخفيف " الميتة " وتشديدها في أول (آل) عمران.

ومنع أبو حيان أن يكون " لهم " صفة لآية ولم يبين وَجْهَهُ ولا وجه له وأعرب أبو البقاء " آية " مبتدأ و " لهم " الخبر و " الأرض الميتة " مبتدأ وصفته و " أَحْيَيْنَاهَا " خبره، والجملة مفسرة " لآيةٍ ".

وبهذا بدأ ثم قال: وقيل؛ فذكر الوجه الأول وكذلك حكى مَكِّيٌّ أعني أن تكون " آية " ابتداء و " لهم " الخبر وجوز مكي أيضاً أن تكون " آية " متبدأ و " الأرض " خبره وهذا ينبغي أن لا يجوز؛ لأنه لا يُتْرَكُ المعرفة من الابتداء بها ويبتدأ بالنَّكِرَة إلاَّ في مَوَاضِعَ للضَّرُورَةِ.

قوله: " أحييناها " تقدم أنه يجوز أن يكون خبر " الأَرْضِ " ويجوز أيضاً أن يكون حالاً من " الأَرْضِ " إذا جعلناها مبتداً و " آية " خبر مقدم. وجوز الزمخشري في " أَحْيَيْنَاهَا " وفي " نَسْلخُ " أن يكونا صفتين للأرض والليل وإن كانا معرفين بأل لأنه تعريف بأل الجنسيَّة فهما في قوة النكرة قال كقوله:
4180- وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي   ................
لأنه لم يقصد لئيماً بعينه، ورده أبو حيان بأن فيه هدماً للقواعد من أنّه لا تنعت المعرفة بنكرة. قال: وقد تبعه ابنُ مالك ثم خرج أبو حيان الحمل على الحال أي الأرض مُحْيَاةً والليل مُنْسَلِخاً منه النهار واللئيم شاتماً لي، قال شهاب الدين: وقد اعتبر النحاة ذلك في مواضع فاعتبروا معنى المعرف بأل الجنسية دون لفظه فَوَصَفُوهُ بالنَّكرة الصَّرِيحَة، نحو: يا لرجل خير منك على أحد الأوجه. وقوله:إِلاَّ ٱلَّذِينَ } [العصر: 3] بعدإِنَّ ٱلإِنسَانَ } [العصر: 2] وقوله:أَوِ ٱلطِّفْلِ ٱلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ } [النور:31] و " أهْلَكَ النَّاسُ الدِّينَارُ الحُمْرُ والدِّرْهَمُ البيضُ ". كل هذا ما روعي فيه المعنى دون اللفظ، وإن اختلف نوع المراعاة، ويجوز أن يكون " أحْيَيْنَاهَا " استئنافاً بين به كونَها آيةً.

فصل

وجه التعلق بما قبله من وجهين:

أحدهما: أنه لما قال: { وإنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ } كان ذلك (إشارة) إلى الحشر فذكر ما يدل على إمكانه قطعاً لإنكارهم واستعبادهم وإصرارهم وعنادهم فقال: { وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا } كذلك يُحْيِي المَوْتَى.

وثانيهما: أنه لما ذكر حال المرسلين وإهلاك المكذِّبين وكان شُغْلُهم التوحيد ذكر ما يدل عليه وبدأ بالأرض لكونها مكانَهم لا مفارقة لهم منها عند الحركة والسكون.

فإن قيل: الأرض آية مطلقة فلم خصها بهم حيث قال: " وآيَةٌ لَهُمْ "؟.

السابقالتالي
2 3 4