الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ ٱللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ }

قوله: { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَاوَاتِ وٱلأَرْضِ } قد تقدم أن الحمد يكون على النعمة في أكثر الأمر. ونعم الله على قسمين عاجلة وآجلة والعاجلة وجود وبقاء والآجلة كذلك إيجاد مرة وإبقاء.

قوله: " فَاطِرِ " إن جعلت إضافة محضة كان نعتاً " لله " وإن جعلتها غير محضة كان بدلاً. وهو قليل، من حيث إنه مشتق، وهذه قراءة العامة. والزُّهْريّ والضحاك: " فَطَرَ " فعلاً ماضياً وفيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنها صلة لموصول محذوف أي الَّذِي فطر. كذا قدره أبو (حيان) وأبو الفضل، ولا يليق بمذهب البصريين لأن حذف الموصول الاسمي لا يجوز، وقد تقدم هذا الخلاف متسوفًى في البقرة.

الثاني: أنه حال على إضمار " قد ". قاله أبو الفضل أيضاً.

الثالث: أنه خبر مبتدأ مضمر أي هُوَ فطر. وقد حكى الزمخشري قراءة تؤيد ما ذهب إليه الرّازي فقال: " وقرىء الذي فَطَر وَجَعَل " ، فصرح بالموصول.

فصل

معنى فاطر السموات والأرض أي خالقهما ومبدعهما على غير مثال سبق. قاله ابن عباس. وقيل: فاطر السموات والأرض أي شاقّهما لِنُزُول الأرواح من السماء وخروج الأجساد من الأرض. ويدل عليه قوله تعالى: { جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً } فإن في ذلك اليوم تكن الملائكةُ رسلاً.

قوله: " جاعل " العامة أيضاً على جره نعتاً أو بدلاً، والحسن بالرفع والإضافة.

وروي عن أبي عمرو كذلك إلا أنَّه لم ينون ونصب الملائكة، وذلك على حذف التنوين لالتقاء الساكنين كقوله:
1451-........................   وَلاَ ذَاكِرِ اللَّهَ إلاَّ قَلِيلا
وابنُ يعمُر وخُلَيْدُ بن نَشِيطٍ " جَعَلَ " فعلاً ماضياً بعد قراءة فاطر بالجر وهذه كقراءة:فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ وَجَعَلَ ٱلْلَّيْلَ } [الأنعام:96]. والحَسَنُ وحُمَيْد رُسْلاً بسكون السين وهي لغة تميم. وجاعل يجوز أن يكون بمعنى مصير أوبمعنى خالق فعلى الأولى يجري الخلاف هل نصب الثاني باسم الفاعل أو بإضمار فعل هذا إن اعتقد أن جاعلاً غير ماض أما إذا كان ماضياً تعين أن ينتصب بإضمار فعل.

وتقدم تحقيق ذلك في الأنعام وعلى الثاني ينتصب على الحال، و " مَثْنَى وثُلاَثَ ورُبَاعَ " صفة لأجنحة و " أُولي " صفة لرُسُلاً.

وتقدم تحقيق الكلام في مَثْنَى وأخْتَيْهَا في سورة النساء. قال أبو حيان وقيل: أولي أجنحة معترض و " مثنى " حال والعامل فعل محذوف يدل عليه رسلاً أي يُرْسَلُون مَثْنَى وثُلاَث ورُبَاع. وهذا لا يسمى اعتراضاً لوجهين:

أحدهما: أن " أولي " صفة لرسلاً والصفة لا يقال فيها معترضة.

والثاني: أنها ليست حالاً من " رُسُلاً " (بل) من محذوف فكيف يكون ما قبله معترضاً؟ ولو جعله حالاً من الضمير في " رُسُلاً " لأنه مشتق لسهل ذلك بعض شيء ويكون الاعتراض بالصفة مجازاً من حيث إنه فاصل في الصورة.

السابقالتالي
2 3 4