الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } * { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ } * { إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ }

قوله: { مَن كَانَ يُرِيدُ } شرط جوابه مقدر باختلاف التفسير في قوله: { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ } (فقال مجاهد: معناه) من كان يريد العزة بعبادة الأوثان فيكون تقديره فليطلبها.

وقال قتادة: من كان يريد العزة وطريقة القويم ويحِبُّ نَيْلَها على وجهها. فيكون تقديره على هذا فليطلبها.

وقال الفراء: مِنْ كَانَ يريد علمَ العزة فيكون التقدير: فَلْيَنْسب ذلك إلى الله.

قويل: من كان يريد العزة لا يعقبها ذلّة. فيكون التقدير: فهو لا يُبَالِهَا. ودل على هذه الأجوبة قوله: " فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ " وإنما قيل: إن الجواب محذوف وهو هذه الجملة لوجهين:

أحدهما: أن العزة لله مطلقاً من غير ترتبها على شرط إرادة أحدٍ.

والثاني: أنه لا بدّ في الجواب من ضمير يعود على اسم الشرط إذا كان غير ظرف ولم يوجد هنا ضمير، و " جَميعاً " حال، والعامل فيها الاسْتِقْرَارُ.

فصل

قال قتادة: من كان يريد العزة فليتفرد بطاعة الله - عزّ وجلَ - ومعناه الدعاء إلى طاعة من له العزة أي فليطلب العزة من عند الله بطاعته كما يقال: من كان يريد المال فالمال لفُلان (أي) فليطلبه من عنده وذلك أن الكفار عبدوا الأصنام وطلبوا بها التعزيز كما قال تعالى:وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً كَلاَّ } [مريم: 81-82] وقال:ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً } [النساء:139].

قوله: " إِلَيْهِ يَصْعَدُ " العامة على بنائه للفاعل من " صَعَدَ " ثلاثياً " الكَلِمُ الطَّيِّبُ " (برفعهما فاعلاً ونعتاً. وعليّ وابنُ مسعود يُصْعِدُ من أصْعَدَ الكَلِمَ الطَّيّبَ) منصوبان على المفعول والنعت وقرىء يُصْعَدُ مبنياً للمفعول. وقال ابن عطية: قرأ الضحاك يُصْعَد بضم الياء لكن لم يبيّن كونه مبنياً للفاعل أو المفعول.

فصل

قال المفسرون: الكَلِمُ الطَّيب قول لا إله إلا الله. وقيل: هو قول الرجل: سُبْحَان اللَّهِ والْحَمْدُ لِلَّهِ ولاَ إلَه إلاَّ واللَّهُ أَكْبَرُ. وعن ابن مسعود قال: إذا حَذَّثْتُكُمْ حَديثاً أنبأتكم بِمصْدَاقِهِ من كتاب الله - عزّ وجلّ - ما مِن عبدٍ مسلم يقول خمس كلمات سُبْحَانَ الله والحمدُ لله ولا إله إلا الله والله أكبرُ وتبارك الله إلا أحذهُنَّ ملكٌ فَجعَلَهُنَّ تحت جناحه ثم صعد بِهِنَّ، فلا يمرّ بهن على جمع من الملائكة إلاَّ استغفروا لقائلهن حتى يَجِيءَ بهنَّ وَجْهَ ربِّ العالمين ومصداقه من كتاب الله عزّ وجلّ قوله: { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ } وقيل: الكلم الطيب: ذكر الله. وعن قتادة: إليه يصعد الكلم الطيب أي يقبل اللَّهُ الكلمَ الطيب.

قوله: " وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ " العامة على الرفع وفيه وجهان:

أحدهما: أنه معطوف على " الكَلِمُ الطَّيِّبُ " فيكون صاعداً أيضاً.

السابقالتالي
2 3 4 5 6