الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً } * { يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } * { إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } * { لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ } الآية لما بين أن من يؤذي الله ورسوله يُلعن ويعذب، وكان ذلك إشارة إلى أن الإيذاء كفر أرشد المؤمنين إلى الامتناع من الإيذاء الذي هو دونه وهو لا يورث كفراً وهو من لم يرض بقسمة النبي عليه (الصلاة و) السلام وبحكمه (بالفَيءِ لِبَعْض) فقال: لا تكونوا كالذين آذوا موسى قال بعضهم: إيذاؤهم لموسى بنسبة عيب في بَدَنِهِ، وقيل: إن قارون قال لامرأة: قولي إِن موسى قد وقع في فاحشةٍ والإيذاء المذكور في القرآن كاف وهو قولهم:فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاۤ } [المائدة: 24] وقولهم:لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ } [البقرة: 61] إلى غير ذلك فقال للمؤمنين: لا تكونوا أمثالهم إذا طلبكم الرسول للقتال لا تقولوا اذهب أنت وربك فقاتلا وإذا أمركم الرسول بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وقوله: { فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ } على الأول ظاهر لأنه أبرز جسمه لقومه فرأوه وعلموا فساد اعتقادهم ونطقت المرأة بالحق وأمر ملائكته حتى عبروا بهارون عليهم فرأوه غير مجروح فعلموا براءة موسى - عليه الصلاة واسلام - عن ما رموه به وعلى الثاني فبرأه الله مما قالوا أي أخرجه عن عهدة ما طلبوا بإِعطائه البعض إياهم وإظهاره عدم جواز البعض وقطع حُجَجهم ثم ضرب عليهم الذّلَّةُ والمسكنة وغضب عليهم.

قوله: " عِنْد اللَّهِ " العامة على " عند " الظرفية المجازية، وابن مسعود والأعمش وأبو حَيْوة " عبداً " مِن العبودية " لله " جار ومجرور وهي حسنة قال ابن خالويه صَلَّيْت خلف ابن شُنْبُوذ في رمضان فسمعته يقرأ بقراءة ابن مسعود هذه قال شهاب الدين: وكان مولعاً بِنَقْل الشاذة، ومَا في " مِمَّا قَالُوا " إمَّا مصدرية، وإما بمعنى الذي، و " وَجِيهاً " كريماً ذَا جاهٍ، يقال وَجُهَ الرَّجُلُ يَوْجهُ وَجَاهَة فَهُوَ وَجيهٌ إذا كَانَ ذَا جَاهٍ وقَدْرٍ. قال ابن عباس: كان حَظِيّاً عند الله لا يَسْأَلُ شيئاً إلاّ أعطاه وقال الحسن: كان مستجاب الدعوة، وقيل: كان محبباً مقبولاً، واختلفوا فيما أُوذِيَ به موسى فروى أبُو هُرَيْرَةَ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إنّ موسى كان رجلاً حَيِياً سَتْراً لا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ استحياء منه فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ من بني إسرائيل فقال: ما يستتر هذا التَّسَتُّر إلا من عيب بجلده إما بَرَص، وإما أدرة، وإمّا آفةٍ، وإن اللَّهَ أراد أن يُبْرِئَهُ مما قالوا فخلا يوماً وحده فخلع فوضَع ثيابَهُ على حجر ثم اغْتَسَلَ فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإن الحجر غدا بثوبه فأخذ موسى عصاه وطلب الحَجَر فجعل يقولُ ثوبي حَجَرٌ، ثوبي حجر حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عُرْيَاناً أحْسَنَ ما خلق الله وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ وقام الحجر فأخذ ثوبه واستتر وطفق بالحجر يضربه بعصاه فواللَّه إن بالحجر لنَدْباً من أثر ضربه ثلاثاً أو أربعاً أو خَمْساً "

السابقالتالي
2 3 4