الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ هٰأَنْتُمْ هَؤُلاۤءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { إِنَّ أَوْلَى ٱلنَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

القراء في هذه على أربع مراتِبَ، والإعراب متوقِّفٌ على ذلك:

المرتبة الأولى للكوفيين وابن عامر والبَزِّي عن ابن كثير: ها أنتم - بألف بعد الهاء، وهمزة مخففة بعدها.

المرتبة الثانية لأبي عمرو وقالون عن نافع: بألف بعد الهاء، وهمزة مسهَّلَة بين بين بعدها.

المرتبة الثالثة لورش، وله وجهانِ:

أحدهما: بهمزة مسهلة بين بين بعد الهاء دون ألف بينهما.

الثاني: بألفٍ صريحةٍ بعد الهاء بغير همزة بالكلية.

المرتبة الرابعة لقُنْبُل بهمزة مُخَفَّفَة بعد الهاء دون ألف.

فصل

اختلف الناسُ في هذه الهاء: فمنهم من قال: إنها " ها " التي للتنبيه الداخلة على أسماء الإشارة، وقد كثر الفصلُ بينها وبين أسماء الإشارةِ بالضمائر المرفوعة المنفصلة، نحو: ها أنت ذا قائماً، وها نحن، وها هم، وهؤلاء، وقد تُعادُ مع الإشارة بعد دخولها على الضمائرِ؛ توكيداً، كهذه الآية، ويقل الفصل بغير ذلك كقوله: [البسيط]
1500- تَعَلَّمَنْ هَا - لَعَمْرُ اللهِ - ذَا قَسَماً   فَاقْدِرْ بِذَرْعِكَ وَانْظُرْ أيْنَ تَنْسَلِكُ
وقول النابغة: [البسيط]
1501- هَا - إنَّ - ذِي عِذْرَةٌ إنْ لا تَكُنْ قُبِلَتْ   فَإِنَّ صَاحِبَهَا قَدْ تَاهَ في الْبَلَدِ
ومنهم من قال: إنها مُبْدَلَةٌ من همزة الاستفهام، والأصل: أأنتم؟ وهو استفهام إنكار، وقد كثر إبدال الهمزة هاء - وإن لم ينقس - قالوا هَرَقْتُ، وهَرَحْتُ، وهَنَرتُ، وهذا قول أبي عمرو بن العلاء، وأبي الحسن الأخفش، وجماعة، واستحسنه أبو جعفر، وفيه نظرٌ؛ من حيث إنه لم يثبُت ذلك في همزة الاستفهام، لم يُسْمَع: هَتَضْرِبُ زَيْداً - بمعنى أتَضْرِبُ زيداً؟ وإذا لم يثبت ذلك فكيف يُحْمَلُ هذا عليه؟

هذا معنى ما اعترض به أبو حيان على هؤلاء الأئمةِ، وإذا ثبت إبدال الهمزة هاء هان الأمر، ولا نظر إلى كونها همزةَ استفهام، ولا غيرها، وهذا - أعني كونها همزة استفهام أبْدِلت هاءً - ظاهر قراءة قُنْبُلٍ، وورش؛ لأنهما لا يُدْخِلان ألفاً بين الهاء وهمزة " أنتم "؛ لأن إدخال الألف لما كان لاستثقال توالي همزتين، فلما أبدلت الهمزة هاء زال الثقل لفظاً؛ فلم يُحتَج إلى فاصلةٍ، وقد جاء إبدال همزة الاستفهام ألفاً في قول الشاعر: [الكامل]
1502- وَأتَتْ صَوَاحِبَهَا، وَقُلْنَ هَذَا الَّذِي   مَنَحَ الْمَوَدَّةَ غَيْرَنَا وَجَفَانَا
يريد أذا الذي؟

ويضعف جعلها - على قراءتهما - " ها " التي للتنبيه؛ لأنه لم يُحْفَظ حَذْفُ ألِفِها، لا يقال: هَذَا زيد - بحذف ألف " ها " - كذا قيل.

قال شهاب الدّينِ: " وقد حذفها ابنُ عامر في ثلاثة مواضع - إلا أنه ضم الهاء الباقية بعد حذف الألف - فقرأ - في الوصل -:يَٰأَيُّهَا ٱلسَّاحِرُ } [الزخرف: 49] ووَتُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا ٱلْمُؤْمِنُونَ }

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8