الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىٰ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلأُنْثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ } * { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللًّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

في الناصب لِـ " إذْ " أوجه:

أحدها: أنه " اذكر " مقدَّراً، فيكون مفعولاً به لا ظرفاً، أي: اذكر لهم وقت قول امرأة عمران كيت وكيت وإليه ذهب أبو الحسن وأبو العباس.

الثاني: أن الناصب له معنى الاصطفاء، أي: " اصْطَفَى " مقدَّراً مدلولاً عليه بـ " اصْطَفَى " الأوَّل والتقدير: واصطفى آل عمران - إذ قالت امرأة عمران. وعلى هذا يكون قوله:وَآلَ عِمْرَانَ } [آل عمران: 33] من باب عطف الجمل لا من باب عطف المفردات؛ إذ لو جُعِل من عطف المفردات لزم أن يكون وقتُ اصطفاءِ آدمَ وقول امرأةِ عمران كيت وكيت، وليس كذلك؛ لتغاير الزمانَيْن، فلذلك اضطررنا إلى تقدير عامل غير هذا الملفوظِ به، وإلى هذا ذَهَبَ الزَّجَّاجُ وغيره.

الثالث: أنه منصوب بـ " سميع " وبه صرح ابن جرير الطبري، وإليه نحا الزمخشري؛ فإنه قال: سميع عليم لقول امرأة عمران ونِيَّتها، و " إذْ " منصوب به.

قال أبو حيّان: ولا يَصِحُّ ذَلِكَ؛ لأن قوله: { عَلِيمٌ } إمّا أن يكون خبراً بعد خبر، أو وصفاً لقوله: " سميع " فإن كان خبراً فلا يجوز الفصل به بين العامل والمعمول؛ لأنه أجنبيٌّ عنهما، وإن كان وَصْفاً فلا يجوز أن يَعْمَل { سَمِيعٌ } في الظرف؛ لأنه قَدْ وُصِفَ، واسم الفاعل وما جرى مجراه إذا وُصِفَ قَبْلَ معموله لا يجوز له - إذ ذاك - أن يعمل، على خلاف لبعض الكوفيين في ذلك؛ لأن اتصافه تعالى بـ { سَمِيعٌ عَلِيمٌ } لا يتقيد بذلك الوقت.

قال شهابُ الدين: " وهذا القدر غيرُ مانع؛ لأنه يُتَّسَع في الظرف وعديله ما لا يُتَّسَع في غيره، ولذلك تقدم على ما في خبر " أل " الموصولة وما في خبر " أن " المصدرية ".

وأما كونه - تعالى - سميعاً عليماً لا يتقيد بذلك الوقت، فإن سَمْعَه لذلك الكلام مقيَّد بوجود ذلك الكلام، وعلمه - تعالى - بأنها تذكر مقيَّد بذكرها لذلك، والتغيُّر في السمع والعلم، إنما هو في النسبِ والتعلُّقات.

الرابع: أن تكون " إذْ " زائدةً، وهو قول أبي عُبَيْدَةَ، والتقدير: قالت امرأة عمرانَ، وهذا غلط من النحويين، قال الزّجّاج لم يصنع أبو عبيدة في هذا شيئاً؛ لأن إلغاء حرفٍ من كتاب الله تعالى - من غير ضرورةٍ لا يجوز، وكان أبو عبيدة يُضَعَّفُ في النحو.

الخامس: قال الأخفش والمُبَرِّد: التقدير: " ألم تر إذْ قالت امرأة عمران، ومثله في كتاب الله كثير ".

فصل

امرأة عمران هي حَنَّة بنت فاقوذا أم مريم، وهي حنة - بالحاء المهملة والنون - وجدة عيسى - عليه السلام - وليس باسم عربي.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد