الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { وَلاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي ٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

" إنما " حرف مكفوف بـ " ما " عن العمل وقد تقدم الكلام فيها أول الكتاب. وفي إعراب هذه الجملة خمسةُ أوجهٍ:

الأول: أن يكون " ذلكم " مبتدأ، " والشيطان " خبره، و " يخوف أولياءه " حال؛ بدليل وقوع الحالِ الصريحةِ في مثل هذا التركيب، نحو قوله:وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً } [هود: 72] وقوله:فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً } [النمل: 52].

الثاني: أن يكون " الشيطان " بدلاً، أو عطف بيان، و " يخوف " الخبر، ذكره أبو البقاء.

الثالث: أن يكون " الشيطان " نعتاً لاسم الإشارة، و " يخوف " على أن يرادَ بـ " الشيطان " نعيم، أو أبو سفيان - ذكره الزمخشري قال أبو حيّان: " وإنما قال: والمراد بـ " الشيطان " نعيم، أو أبو سفيان؛ لأنه لا يكون نعتاً - والمراد به إبليس - لأنه إذ ذاك - يكون علماً بالغلبة، إذ أصله صفة - كالعيُّوق - ثم غلب على إبليس كما غلب العيُّوق على النَّجْمِ الَّذِي ينطلق عليه " وفيه نظرٌ.

الرابع: أن يكون " ذلكم " ابتداء، و " الشيطان " خبر، و " يخوف " جملةٌ مستأنفةٌ، بيان لشيطنته، والمراد بالشَّيْطانِ هو المثبط للمؤمنين.

الخامس: أن يكون " ذلكم " مبتدأ، و " الشيطان " مبتدأ ثانٍ، و " يخوف " خبر الثاني، والثاني وخبره خبرُ الأول؛ قاله ابنُ عطيةَ، وقال: " وهذا الإعرابُ خير - في تناسق المعنى - من أن يكون " الشيطان " خبر " ذلكم " لأنه يجيء في المعنى استعارة بعيدة ".

ورَدَّ عليه أبو حيّان هذا الإعراب - إن كان الضمير في " أولياءه " عائداً على " الشيطان " لخُلُوِّ الجملة الواقعة خبراً عن رابط يربطها بالمبتدأ - وليست نفس المبتدأ في المعنى، نحو: هِجِّيرَى أبِي بكر لا إلَه إلا الله وإن كان عائداً على " ذلكم " - ويراد بـ " ذلكم " غير الشيطان جاز، وصار نظير: إنما هند زيد [يضرب غلامها]، والمعنى: إنما ذلكم الركب، أو أبو سفيان الشيطان يخوفكم أنتم أولياؤه، أي: أولياء الركب، أو أولياء أبي سفيان - والمشار إليه بـ " ذلكم " هل هو عين أو معنى؟ فيه احتمالان:

أحدهما: أنه إشارةٌ إلى ناسٍِ مخصوصين - كَنُعَيْم وأبي سفيانَ وأشياعهما - على ما تقدم.

الثاني: إشارة إلى جميع ما جرى من أخبارِ الركبِ وإرسال أبي سفيان وجزع من جزع - وعلى هذا التقدير فلا بُدّ من حذف مضافٍ، أي: فعل الشيطان، وقدَّره الزمخشري: قول الشيطانِ، أي: قوله السابق، وهو:إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ }

السابقالتالي
2 3 4