الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

لمَّا وصف المؤمنين بالصفاتِ الحَسَنة، أتبعه بوعيد الكُفَّار، ليجمع بين الوعدُ والْوَعيد، والترغيب والترهيب.

قال ابْنُ عَبَّاسٍ: يريد قريظة والنضير؛ لأن معاندتهم كانت لأجل المال، لقوله تعالى: في سورة البقرةتَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً } [البقرة: 41].

وقيل: نزلت في مشركي قريش؛ فإن أبا جهل كان كثير الافتخار بماله.

وقيل: نزلت في أبي سفيان؛ فإنه أنفق مالاً كثيراً على المشركين يوم بَدر وأحد.

وقيل: إنها عامة في جميع الكفار؛ لأنهم كانوا يتعززون بكثرة الأموال، ويعيرُون الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه بالفقر، ويقولون: لو كان محمد على الحق، لما تركه ربه في الفقر والشدة.

فالأولون قالوا: إن الآية مخصوصة، وهؤلاء قالوا: إن اللفظ عام، ولا دليلَ يوجب التخصيص، وخص الأولاد، لأنهم أقرب أنساباً إليهم.

واحتجَّ أهلُ السنة بقوله: { وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } عَلَى أن فُسَّاق أهل الصلاة لا يَبقون في النار أبداً؛ لأن هذه الكلمة تفيد الحصر، فيقال: أولئك أصحاب زيد، لا غيرهم، ولما أفادت معنى: " الحصر " ثبت أن الخلودَ في النار ليس إلاَّ لـ " الكفار ".