الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ طسۤمۤ } * { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ } * { وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ }

بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى: " نَتْلُوا عَلَيْكَ " يجوز أن يكون مفعول " نَتْلُو " محذوفاً دَلَّت عليه صفته وهي: { مِنْ نَّبَإِ مُوسَىٰ } (تقديره: نَتْلُو عَلَيْكَ شَيْئاً مِنْ نَبَأ مُوسَى، ويجوز أن تكونَ " مِنْ " مزيدة على رأي الأخفش أي: نتلو عليك نبأ موسى).

قوله: " بِالحَقِّ " يجوز أن يكون حالاً من فاعل " نَتْلُو " ، أو من مفعوله، أي نَتْلُو عَلَيْكَ بَعْضَ خبرهما مُتلبسين أو مُتَلبساً بالحق أو متعلقاً بنفس " نَتْلُو " بمعنى: نَتْلُوه بسبب الحق و " لِقَوْم " متعلق بفعل التلاوة أي: لأجل هؤلاء: و " يُؤْمِنُونَ " يصدقون، وخَصَّهُمْ بالذكر لأنهم قبلوا وانتفعوا.

قوله: " إِنَّ فِرْعْونَ " هذا هو المتلُوّ جيء به في جملة مستأنفة مؤكدة.

وقرىء " فِرْعَونَ " بضم الفاء وكسرها، والكسر أحسن وهو الفسطاط، { عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } استكبر وتجبَّر { وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً } فرقاً وأصنافاً في الخدمة والتسخير، يتبعونه على ما يريد ويطيعونه.

قوله: يَسْتَضْعِفُ يجوز فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه مستأنفٌ بيان لحال الأهل الذين جعلهم فرقاً وأصنافاً.

الثاني: أنه حال من فاعل " جَعَلَ " أي: جعلهم كذا حال كونه مستضعفاً طائفة منهم.

الثالث: أنه صفة لـ " طَائِفَةٍ ".

قوله: " يُذْبِّحُ " يجوز فيه الثلاثة الأوجه: الاستئناف تفسيراً لـ " يَسْتَضْعِف ". أو الحال من فاعله أو صفة ثانية لـ " طَائِفَة ". والعامة على التشديد في " يُذَبِّح " للتكثير. وأبو حيوة وابن محيصن " يَذْبَح " مفتوح الياء والباء مضارع " ذَبَحَ " مخففاً.

فصل

المراد بالطائفة بنو إسرائيل، ثم فسَّرَ الاستضعاف فقال: { يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ } ، سمَّى هذا استضعافاً؛ لأنهم عجزوا وضعفوا عن دفعه عن أنفسهم، { إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } ذكروا في سبب ذبح الأبناء وجوهاً:

قيل: إنَّ كاهناً قال له يُولَدُ مَوْلُود في بني إسرائيل في ليلة كذا (يذهب ملكك) على يده، فولد تلك الليلة اثنا عشر غلاماً، فقتلهم وبقي هذا العذاب في بني إسرائيل سنين كثيرة. قال وهب: قتل القبط في طلب موسى تسعين ألفاً من بني إسرائيل. وقال السدي: إنَّ فرعون رأى في منامه أنَّ ناراً أقبلت من بيت المقدس إلى مصر فأحرقت القبط دون بني إسرائيل. فسأل عن رؤياه فقيل له: يخرج من هذا البلد من بني إسرائيل رجل يكون هلاك مصر على يده، فأمر بقتل الذكور، وقيل: إن الإنبياء الذين كانوا قبل موسى عليه السلام بشروا بمجيئه فسمع فرعون بذلك فأمر بذبح أبناء بني إسرائيل.

قوله: { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ } فيه وجهان:

أظهرهما: أنه عطفٌ على قوله: " إِنَّ فِرْعَوْنَ " عطفُ عليه على اسمية، لأن كلتيهما تفسير للنبأ.

السابقالتالي
2