الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ }

قوله: { وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } هذه العلامة الثالثة لقيام القيامة، وهي قوله تعالى:وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ } [الكهف: 47] " جَامِدَةً " قائمة واقعة، و " تَحْسَبُهَا جَامِدَةً " هذه الجملة حالية من فاعل " تَرَى " أو من مفعوله، لأن الرؤية بصرية.

قوله: " وَهِيَ تَمُرُّ " الجملة حالية أيضاً، وهكذا الأجرام العظيمة تراها واقفة وهي مارة قال النابغة الجعدي يصف جيشاً كثيفاً:
3973 - بِأَرْعَنَ مِثْلِ الطَّوْدِ تَحْسِبُ أَنَّهُمْ   وُقُوفٌ لِحَاجٍ وَالرِّكَابُ تُهَمْلِجُ
و " مَرَّ السَّحَابِ ": مصدر تشبيهي، قوله: " صُنْعَ اللَّهِ " مصدر مؤكد لمضمون الجملة السابقة عامله مضمر، أي: صنع الله ذلك صنعاً، ثم أضيف بعد حذف عامله، وجعله الزمخشري مؤكداً للعامل فييَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ } [النمل: 87] وقدره: ويوم ينفخ وكان كيت وكيت أثاب الله المحسنين وعاقب المسيئين في كلام طويل جرياً على مذهبه، وقيل منصوب على الإغراء، أي: انظروا صنع الله وعليكم به. والإتقان: الإتيان بالشيء على أكمل حالاته، وهو من قولهم: تقن أرضه إذا ساق إليها الماء الخاثر بالطين لتصلح للزراعة، وأرض تقنة، والتقن فعل ذلك بها، والتقن أيضاً: ما رمي به في الغدير من ذلك أو الأرض، ومعنى { أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } أي: أحكمه. { إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو وهشام بالغيبة جرياً على قوله " وَكُلٌّ أَتَوْهُ " ، والباقون بالخطاب جرياً على قوله " وتَرَى " ، لأن المراد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته.