الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { أَمَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }

قوله: { أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } يهديكم بالنجوم في السماء والعلامات في البحر إذا سافرتم بالليل في البر والبحر. و { وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } ، وهي المطر، وتقدّم الكلام في " بُشْراً " في الأعراف، { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }.

قوله: { أَمَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ } لما عدد نعم الدنيا أتبع ذلك بنعم الآخرة، وهي لا تتم إلا بالإعادة بعد الابتداء والإبلاغ إلى حد التكليف، فقد تضمن الكلام كل نعم الدنيا والآخرة، وهي لا تتمّ إلا بالإرزاق، فلذلك قال: { وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وٱلأَرْضِ } " مِنَ السَّمَاءِ ": المطر، ومن الأرض: النبات، { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ } حجتكم على قولكم: إن مع الله إلهاً آخر، { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ولا برهان لكم فإذاً أنتم مبطلون.

فإن قيل: كيف قيل لهم: أم من يبدؤ الخلق ثم يعيده، وهم ينكرون الإعادة؟ فالجواب: كانوا معترفين بالابتداء، ودلالة الابتداء على الإعادة دلالة ظاهرة قوية، فلما كان الكلام مقروناً بالدلالة الظاهرة، صاروا كأنهم لم يبق لهم عذر في الإنكار.