الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ طسۤ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ } * { هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُم بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ }

قوله تعالى: { طسۤ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ }. " تلك " إشارة إلى آيات السورة أي: هذه آيات القرآن.

قوله: " وَكِتَابٍ " العامة على جره عطفاً على " القُرْآنِ " ، وهل المراد به نفس القرآن فيكون من عطف بعض الصفات على بعض، والمدلول واحد، أو اللوح المحفوظ، أو نفس السورة، أقوال. وقيل: القرآن والكتاب علمان للمنزل على نبينا - صلى الله عليه وسلم - فهما كالعباس وعباس، يعني فيكون " أل " فيهما للمح الصفة، وهذا خطأ؛ إذ لو كانا علمين لما وصفا بالنكرة، وقد وصف " قرآن " بها في قوله:تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } [الحجر: 1] - في الحجر - ووصف بها " كتاب " كما في هذه الآية الكريمة. والذي يقال إنه نكر هنا لإفادة التفخيم، كقوله:فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ } [القمر: 55].

وقرأ ابن أبي عبلة: " وكِتَابٌ مُبِينٌ " برفعها عطفاً على " آيَاتٌ " المخبر بها عن " تِلْكَ " فإن قيل: كيف صَحَّ أن يشار لاثنين أحدهما مؤنث، والآخر مذكر باسم إشارة المؤنث، ولو قلت: تلك هند وزيد لم يجز؟

فالجواب من ثلاثة أوجه:

أحدها: (أن المراد بالكتاب) هو الآيات، لأن الكتاب عبارة عن آيات مجموعة، فلما كانا شيئاً واحداً، صحت الإشارة إليهما بإشارة الواحد المؤنث.

الثاني: أنه على حذف مضاف، أي: وآيات كتاب مبين.

الثالث: أنه لما ولي المؤنث ما يصح الإشارة به إليه، اكتفى به وحسن، ولو أولي المذكر لم يحسن، ألا تراك تقول: جاءتني هند وزيد، ولو حذفت (هند) أو أخّرتها لم يجز تأنيث الفعل.

قوله: " هُدًى وبُشْرَى " يجوز فيهما أوجه:

أحدها: أن يكونا منصوبين على المصدر بفعل مقدر من لفظهما، أي: يهدي هدى، ويبشر بشرى.

الثاني: أن يكونا في موضع الحال من " آيَات " والعامل فيها ما في " تِلْكَ " من معنى الإشارة.

الثالث: أن يكونا في موضع الحال من " القُرْآن " وفيه ضعف، من حيث كونه مضافاً إليه.

الرابع: أن يكونا حالاً من " كِتَاب " ، في قراءة من رفعه، ويضعف في قراءة من جره، لما تقدم من كونه في حكم المضاف إليه، لعطفه عليه.

الخامس: أنَّهما حالان من الضمير المستتر في " مبين " سواء رفعته (أم جررته).

السادس: أن يكونا بدلين من " آيَاتُ ".

السابع: أن يكونا خبراً بعد خبر.

الثامن: أن يكونا خبري ابتداء مضمر، أي: (هي) هُدًى وبُشْرَى للمؤمنين.

فصل

المراد يهديهم إلى الجنة وبشرى لهمن كقوله تعالى:فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مَّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } [النساء: 175]، ولهذا خص به المؤمنين، وقيل: المراد بالهدى: الدلالة, وإنما خصه بالمؤمنين, لأنه ذكر مع الهدى البشرى, والبشرى إنما تكون للمؤمنين أو لأنهم تمسكوا به، كقوله:

السابقالتالي
2 3