الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَىٰ بَعْضِ ٱلأَعْجَمِينَ } * { فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ } * { كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } * { فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { فَيَقُولُواْ هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ } * { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ }

قوله: { أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً }. قرأ ابن عامر " تَكُنْ " بالتاء من فوقه " آيَةٌ " بالرفع. والباقون " يَكُنْ " بالياء من تحت " آيَةً " بالنصب. وابن عباس: " تَكُنْ " بالتاء من فوق " آيَةٌ " بالنصب. فأما قراءة ابن عامر فتكون يحتمل أن تكون تامة، وأن تكون ناقصة. فإن كانت تامة جاز أن يكون " لَهُمْ " متعلقاً بها، و " آيَةٌ " فاعلاً بها، و " أَنْ يَعْلَمَهُ " إما بدل من " آيَةٌ " وإما خبر مبتدأ مضمر، أي: أو لم تحدث لهم علامةُ علم علماء بني إسرائيل. وإن كانت ناقصة جاز فيها أربعة أوجه:

أحدها: أن يكون اسمها مضمراً فيها بمعنى القصة، و { آيَةً أَن يَعْلَمَهُ } جملة قدم فيها الخبر واقعةٌ موقع خبر " تَكُنْ ".

الثاني: أن يكون اسمها ضمير القصة أيضاً و " لَهُمْ " خبر مقدم، و " آيَةٌ " مبتدأ مؤخر، والجملة خبر " تَكُنْ " ، و " أَنْ يَعْلَمَهُ " إما بدل من " آيَةٌ " وإما خبر مبتدأ مضمر، أي: أن يعلمه.

الثالث: أن يكون " لَهُمْ " خبر " تَكُنْ " مقدماً على اسمها، و " آيَةٌ " اسمها، و " أنْ يَعْلَمَهُ " على الوجهين المتقدمين: البدلية، وخبر ابتداء مضمر.

الرابع: أن تكون " آيَةٌ " اسمها، و " أَنْ يَعْلَمَهُ " خبرها. وقد اعترض هذا بأنه يلزم جعل الاسم نكرة والخبر معرفة وقد نص بعضهم على أنه ضرورة كقوله:
3924 - وَلاَ يَـكُ مَـوْقِـفٌ مِنْـكِ الـوَدَاعَـا   
وقوله:
3925 - يَـكُـونُ مِـزَاجَهَـا عَسَـلٌ وَمَـاءٌ   
وقد اعتذر عن ذلك بأنَّ " آيَةٌ " قد تخصصت بقوله: " لَهُمْ " فإنه حال منها، والحال صفة، وبأن تعريف الخبر ضعيف لعمومه. وهو اعتذار باطل، ولا ضرورة تدعو إلى هذا التخريج، بل التخريج ما تقدم. وأما قراءة الباقين فواضحة جداً، فـ " آيَةٌ " خبر مقدم، و " أَنْ يَعْلَمَهُ " اسمها مؤخر، و " لَهُمْ " متعلق بـ " آيَةٌ " حالاً من " آية ". وأما قراءة ابن عباس كقراءة:ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ } [الأنعام: 23]، وكقول لبيد:
3926 - فَمَضَـى وَقَدَّمَهَـا وَكَانَـتْ عَـادَةً   مِنْـهُ إذَا هِـيَ عَـرَّدَتْ أَقْـدَامُهَـا
إما لتأنيث الاسم لتأنيث (الخبر)، وإما لأنه بمعنى المؤنث، ألا ترى أنَّ " أَنْ يَعْلَمَهُ " في قوة المعرفة، و { إِلاَّ أَنْ قَالُواْ } في قوة مقالتهم، وإِقْدَامُهَا بإقْدَامَتِهَا.

وقرأ الجحدريّ: " أَنْ تَعْلَمَهُ " بالتاء من فوق، شبَّه البنين بجمع التكسير في تغيّر واحده صورةً، فعامل فعله المسند إليه معاملة فعله في لحاق علامة التأنيث، وهذا كقوله:

السابقالتالي
2 3