الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } * { عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ } * { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ } * { وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ }

قوله تعالى: { وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }. الهاء تعود على القرآن وإن لم يجر له ذكر للعلم به. و " تَنْزِيلٌ " بمعنى مُنَزَّلٌ، أو على حذف مضاف أي: ذُو تَنزيل، وقوله: " نَزَلَ " قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص: " نَزَلَ " مخففاً، و " الرُّوحُ الأمينُ " مرفوعان على إسناد الفعل لـ " الروح " و " الأمِين " نعته، والمراد به جبريل.

وباقي السبعة: بالتشديد مبنياً للفاعل، وهو الله تعالى، و " الرُّوح الأَمِين " منصوبان على المفعول به، و " الأَمِين " صفته أيضاً، وقرىء: " نُزِّلَ " مشدداً مبنياً للمفعول، و " الرُّوحُ الأَمِينُ " مرفوعان على ما لم يسم فاعله. و " بِهِ " إمَّا متعلق بـ " نَزَل " أو بمحذوف على أنه حال.

قوله: { عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ }. قال أبو حيان: الظاهر تعلُّق " عَلَى قَلْبِكَ " و " لِتَكُونَ " بـ " نَزَل ". ولم يذكر ما يقابل هذا الظاهر. وأكثر ما يتخيَّل أنه يجوز أن يتعلقا بـ " تنزيل " أي: وإنه لتنزيل ربِّ العالمين على قلبك لتكون، ولكن فيه ضعفٌ من حيث الفصل بين المصدر ومعموله بجملة: { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ }.

وقد يجاب عنه بوجهين:

أحدهما: أنَّ هذه الجملة اعتراضية، وفيها تأكيد وتشديد، فليست بأجنبية.

والثاني: الاغتفار في الظرف وعديله. وعلى هذا فلا يبعد أن يجيء في المسألة باب الإعمال، فإن كلاًّ من " تَنْزِيل " و " نَزَل " يطلب هذين الجارين.

فصل

لما ذكر قصص الأنبياء لمحمد - عليه السلام - أتبعه بما يدل على نبوته فقال: { وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } لأنه لفصاحته معجز فيكون من رب العالمين. وأيضاً فلأنه إخبار عن الأمم الماضية من غير تعلم ألبتة، وذلك إلاَّ بوحي من الله تعالى. وأيضاً فقوله { وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ } مؤكد لما ذكرنا، لأن ذكر هذه القصص على ما هي في زبر الأولين من غير تفاوت أصلاً مع أنه لم يشتغل بالتعلم والاستفادة دليل على أنه ليس إلا من عند الله، { نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } عَلَى قَلْبِكَ يا محمد، أي: فهمك إياه وأثبته في قلبك كي لا تنساه كقوله:سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } [الأعلى: 6] { لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ }: المخوِّفين. وسمي جبريل روحاً، لأنه خلق من الروح. وقيل: لأنه نجاة الخلق في باب الدين، فهو كالروح التي تستتبع الحياة. وقيل: لأنه روح كله، لا كالناس في أبدانهم روح. وسماه أميناً لأنه مؤتمن على ما يؤديه للأنبياء - (عليهم السلام) -.

فصل

روي أنَّ جبريل - عليه السلام - نزل على آدم - عليه السلام - اثنا عشرة مرة، وعلى إدريس أربع مرات، وعلى نوح خمسين مرة، وعلى إبراهيم اثنتين وأربعين مرة، وعلى موسى أربعمائة مرة، وعلى عيسى عشر مرات وعلى محمد - عليه السلام - أربع عشرة ألف مرة.

السابقالتالي
2