الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَ أَصْحَابُ لْئَيْكَةِ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلاَ تَتَّقُونَ } * { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُخْسِرِينَ } * { وَزِنُواْ بِٱلْقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ } * { وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } * { وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ وَٱلْجِبِلَّةَ ٱلأَوَّلِينَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ } * { وَمَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ رَبِّيۤ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

قوله تعالى: { كَذَّبَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ ٱلْمُرْسَلِينَ }.

قرأ نافع وابن كثير وابن عامر: " لَيْكَةَ " بلام واحدة وفتح التاء جعلوه اسماً غير مُعَرَّفٍ بـ " أل " مضافاً إليه " أَصْحَاب " هنا وفي " ص " خاصة.

والباقون: " الأَيْكَةِ " معرفاً بـ " أل " مُوافقةً لما أُجْمَعَ عليه في الحِجْر وفي " ق " وقد اضطربت أقوال الناس في القراءة الأولى، وتجرأ بعضهم على قارئها.

وَوَجْهُهَا على ما قال أبو عُبَيد: أن (ليكة) اسم للقرية التي كانوا فيها و (الأَيْكَة): اسم للبلد كُلِّه. قال أبو عُبَيد: لا أحب مفارقة الخط في شيءٍ من القرآن إلاَّ ما يخرُجُ من كلام العرب وهذا ليس بخارج من كلامها مع صحة المعنى في هذه الحروف، وذلك أَنَّا وجدنا في بعض التفاسير الفرق بين " لَيْكَة " ، و " الأيكة " ، فقيل: " لَيْكَةُ " هو اسمٌ للقرية التي كانوا فيها. والأَيْكَة: البلاد كلها، فصار الفرق بينهما شبيهاً بما بين (مَكَّةَ، وبكَّةَ) ورأيتهن مع هذا في الذي يقال: إنه الإمام - مصحف عثمان - مفترقان، فوجدت التي في " الحِجْر " والتي في " ق ": " الأَيْكَة " ، ووجدت التي في " الشعراء " والتي في " ص " " لَيْكَة " ثم اجتمعت عليها مصاحف الأَمْصَار بعدُ، فلا نعلمها إذاً اختلفت فيها، وقرأ أهل المدينة على هذا اللفظ الذي قَصَصْنا، يعني: بغير ألف ولام، ولا إجراء. انتهى ما قاله أبو عبيد. قال أبو شامة بعد نقله كلام أبي عبيدة: هذه عبارته، وليست سديدة، فإن اللام موجودة في " لَيْكَة " وصوابه: بغير ألف وهمزة. قال شهاب الدين: بل هي سديدة، فإنه يعني بغير ألفٍ ولامٍ مُعَرفَةٍ لا مطلق لامٍ في الجملة.

وقد تُعقِّبَ قول أبي عُبيد وأنكروا عليه، فقال أبو جعفر: أجمع القراء على خفض التي في " الحِجر " و " ق " فيجب أن يُرَدَّ ما اختلف فيه إلى ما اتفق عليه إذ كان المعنى واحداً, فأما ما حكاه أبو عُبيد من " لَيْكَة ": اسمُ القرية, وأنَّ " الأَيْكَة ": اسم البلد كله، فشيء لا يثبت ولا يُعْرَفُ مَنْ قاله ولو عُرِف لكان فيه نظر، لأَنَّ أهل العلم جميعاً من المفسرين والعالمين بكلام العرب على خلافه، ولا نعلم خلافاً بين أهل اللغة أن " الأَيْكَة " الشجر المُلْتَفُّ.

فأما احتجاج بعض من احتج لقراءة من قرأ في هذين الموضعين بالفتح، لأنه في السواد " لَيْكَةَ " فلا حجة فيه، والقول فيه: إن أصله: " الأَيْكَة " ثم خففت الهمزة، فألقيت حركتها على اللام فسقطت واستغنت عن ألف الوصل، لأَنَّ اللام قد تحركت فلا يجوز على هذا إِلاَّ الخفض، كما تقول: " مَرَرْتُ بِالأَحْمَر " على تحقيق الهمزة ثم تخففها فتقول: " بِلحْمَر " ، فإن شئت كتبته في الخط على ما كتبته أولاً، وإِنْ شئت كتبته بالحذف، ولم يَجُزْ إلاَّ الخفض، فلذلك لا يجوز في " الأَيْكَة " إلاَّ الخَفْض، قال سيبويه: واعلم أَنَّ كل ما لم ينصرف إذا دَخَلَتْهُ الألف واللام أو أضفته (انصرف).

السابقالتالي
2 3 4 5