قوله تعالى: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ } تقدم نظيره. وقُوله: { أَتُتْرَكُونَ (فِي مَا هَاهُنَآ } أي: أتظنون أنكم تتركون) في دياركم " آمِنِينَ " وتطعمون في أنه لا دار (للمجازاة). وقوله: { فِي مَا هَاهُنَآ } أي: في الذي استقر في هذا المكان من النعيم، ثم فسَّره (بقوله: { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } ). قوله: " فِي جَنَّاتٍ " بدل في " فِي ما ههُنَا " بإعادة العامل، فصّل بعدما أجمل كما في القصة قبلها، و " ما " موصولة وظرف المكان صلتها. قوله: " وَنَخْل " يجوز أن يكون من باب ذكر الخاص بعد العام، لأن الجنات تشمل النخل، ويجوز أن يكون تكريراً للشيء الواحد بلفظ آخر، فإنهم يطلقون الجنة ولا يريدون إلا النخيل، قال زهير:
و " سُحُقاً ": جمع سَحُوق، ولا يوصف به إلا النخيل. وقيل: المراد بـ " الجَنَّات " غيرها من الشجر، لأن اللفظ يصلح لذلك، ثم يعطف عليها النخل. والطلع الكفرى وهو: عنقود التمر قبل خروجه من الكم. وقال الزمخشري: الطلع: هو الذي يطلع من النخلة كنصل السيف في جوفه شماريخ القنو والقنو: هو اسم للخارج من الجذع كما هو بِعُرْجُونه، و " الهضيم ": قال ابن عباس: هو اللطيف، ومنه قولهم: كشح هضيم. وروى عطية عنه: يانع. وقال عكرمة: اللين. وقيل: المتراكب. قال الضحاك ومقاتل: قد ركب بعضه بعضاً حتى هضم بعضه بعضاً، أي: كسره. وقال أهل المعاني: هو المنضم بعضه إلى بعض في وعائه قبل أن يظهر. وقال الأزهري: الهضيم: هو الداخل بعضه في بعض من النضج والنعامة. وقيل: هضيم، أي: هاضم يهضم الطعام، وكل هذا للطافته. قوله: " وَتَنْحَتُونَ ". العامة على الخطاب وكسر الحاء. والحسن وعيسى وأبو حيوة بفتحها. وعن الحسن أيضاً: " تَنْحَاتُونَ " بألف للإشباع. وعنه وعن أبي حيوة " يَنْحِتُونَ " بالياء من تحت، وتقدم ذلك كله في الأعراف. قوله: " فَارِهِينَ ". قرأ الكوفيون وابن ذكوان: " فارهين " بالألف، كما قرءوا: " حَاذِرُونَ " بها. والباقون: " فَرِهِينَ " بدون ألف، كما قرءوا: " حَذِرُونَ " بدونها. والفراهة: النشاط والقوة. وقيل: الحذق، يقال دابة فاره، ولا يقال: فارهة، وقد فره يفره فراهة و " فارهين " حال من الناحتين. فصل من قرأ: " فرهين " قال ابن عباس: أشِرين بطرين. وقال عكرمة: (ناعمين). وقال مجاهد: شرهين. وقال قتادة: معجبين بصنيعكم. وقال السدي: متجبرين. وقال الأخفش: فرحين، والعرب تعاقب بين الحاء والهاء مثل: مدحته ومدهته. وقال الضحاك: كيسين. { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَلاَ تُطِيعُوۤاْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ }.