الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ طسۤمۤ } * { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } * { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ }

قوله تعالى: { طسۤمۤ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ }.

أظهر حمزة نُونَ " سِين " قبل الميم، كأنا ناوٍ الوقف، وإلاّ فإدغام مثله واجب والباقون يدغمون. وتقدم إعراب الحروف المقطعة. وفي مصحف عبد الله: " ط س م " مقطوعة من بعضها. قيل: وهي قراءة أبي جعفر، يعنون أنه يقف على كل حرف وقفة يميز بها كل حرف، وإلا لم يتصور أن يلفظ بها على صورتها في هذا الرسم وقرأ عيسى - وتروى عن نافع - بكسر الميم هنا وفي القصص على البناء. وأمال الطاءَ الأخوان وأبو بكر، وقد تقدم. روى عكرمة عن ابن عباس قال: (طسم) عجزت العلماء عن علم تفسيرها. وروى عليّ بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس أنه قسم، وهو من أسماء الله تعالى. وقال قتادة: اسم من أسماء القرآن. وقال مجاهد: اسم للسورة. وقال محمد بن كعب القرظي: قسمٌ بطوله وسناه وملكه. " تِلْكَ آيَاتُ " أي: هذه الآيات آيات " الكِتَابِ المُبِينِ " قوله: { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ }. قرأ قتادة: " بَاخِعٌ نَفْسِكَ " على الإضافة. والمعنى قاتل نفسك { أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } أي: إن لم يؤمنوا، وذلك حين كذبه أهل مكة فشق عليه ذلك، وكان يحرص على إيمانهم، فأنزل الله هذه الآية، وهذا تسليَة للرسول، أي: لا تبالغ في الحزن والأسف، فصبّره وعزَّاه وعرّفه أن غمه وحزنه لا ينفع، كما أن وجود الكتاب ووضوحه لا ينفع.

قوله: { إِنْ نَّشَأْ نُنَزِّلْ }. العامة على نون العظمة فيهما. وروي عن أبي عمرو بالياء فيهما، أي: إِنْ يَشَأ الله يُنزِّل. و " إن " أصلها أن تدخل على المشكوك فيه أو المحقق المبهم زمانه، والآية من هذا الثاني.

قوله: " فَظَلَّتْ " عطف على " نُنَزِّلْ " فهو في محل جزم. ويجوز أن يكون مستأنفاً غير معطوف على الجزاء. ويؤيد الأول قراءة طلحة: " فَتَظْلَل " بالمضارع مفكوكاً. قوله: " خَاضِعِينَ ". فيه وجهان:

أحدهما: أنه خبر عن " أَعْنَاقُهُمْ ". واستُشكِل جمعه جمع سلامة؛ لأنه مختص بالعقلاء. وأجيب عنه بأوجه:

أحدها: أن المراد بالأعناقِ: الرؤساء كما قيل: لهم وجوه وصدور، قال:
3894 - فِـي مَحْفِـلٍ من نـواصِـي الخَيْـلِ مَشْهُـودِ   
الثاني: أنه على حذف مضاف، أي: فظل أصحاب الأعناق، ثم حذف وبقي الخبر على ما كان عليه قبل حذف المُخْبَرِ عنه مراعاة للمحذوف، وتقدم ذلك قريباً عند قراءة:وَقَمَراً مُّنِيراً } [الفرقان: 61].

الثالث: أنه لما أضيف إلى العقلاء اكتسب منهم هذا الحكم، كما يكتسب التأنيث بالإضافة لمؤنث في قوله:
3895 - كَمَا شَرَقَـتْ صَـدْرُ القَنَـاةِ مِـنَ الـدَّمِ   
الرابع: أن " الأعناق " جمع " عُنُقٍ " من الناس، وهم الجماعة، فليس المراد الجارحة البتة، ومنه قوله:

السابقالتالي
2