الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً } * { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَافِرِينَ عَسِيراً } * { وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يٰلَيْتَنِي ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً } * { يَٰوَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } * { لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً }

قوله: " وَيَوْمَ تَشَقَّقُ " العامل في " يَوْمَ " إمّا (اذكر)، وإمّا ينفرد الله بالمُلْكِ يَوْمَ تشقق، لدلالة قوله: { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ } عليه. وقرأ الكوفيون وأبو عمرو [هنا وفي (ق) " تَشَقَّقُ " بالتخفيف، والباقون بالتشديد، وهما واضحتان، حذف الأولون] تاء المضارعة أو تاء التفعل على خلاف في ذلك، والباقون أدغموا تاء التفعل في الشين لما بينهما من المقاربة، وهما كـ " تَظَاهَرُونَ " و " تَظَّاهَرُونَ " حذفاً وإدغاماً، وقد مضى في البقرة. قوله: " بِالغَمَامِ " في هذه الباء ثلاثة أوجه:

أحدها: على السببية، أي: بسبب الغمام، يعني بسبب طلوعها منها، ونحوهالسَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ } [المزمل: 18] كأنه الذي يتشقق به السماء.

الثاني: أنها للحال، أي: مُلتَبِسَةً بالغمام.

الثالث: أنها بمعنى (عَنْ)، أي: عن الغَمَام كقوله:(يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلأَرْضُ عَنْهُمْ) } [ق: 44]، [والباء وعن يتعاقبان، تقول: رميت عن القوس وبالقوس].

قوله: " وَنُزِّلَ المَلاَئِكَةُ " فيها اثنتا عشرة قراءة ثنتان في المتواتر، وعشر في الشاذ. فقرأ ابن كثير من السبعة " وَنُنْزِلُ " بنون مضمومة ثم أخرى ساكنة وزاي خفيفة مكسورة مضارع (أَنْزَلَ)، و " المَلاَئِكَةَ " بالنصب مفعول به، وكان من حق المصدر أن يجيء بعد هذه القراءة على (إِنْزَال). قال أبو علي: لما كان (أَنْزَلَ) و(نَزَّلَ) يجريان مجرى واحداً أجزأ مصدر أحدهما عن مصدر الآخر، وأنشد:
3872- وَقَدْ تَطَوَّيْتُ انْطِوَاءَ الحِضْبِ   
لأنَّ تَطَوَّيْتُ وانْطَويْتُ بمعنى، ومثله:وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً } [المزمل: 8] [أي: تَبَتُّلاً] وقرأ الباقون من السبعة " وَنُزِّلَ " بضم النون وكسر الزاي المشددة وفتح اللام ماضياً مبنيًّا للمفعول، " المَلاَئِكَةُ " بالرفع لقيامه مقام الفاعل، وهي موافقةٌ لمصدرها.

وقرأ ابن مسعود وأبو رجاء " وَنَزَّلَ " بالتشديد ماضياً مبنيًّا للفاعل، وهو الله تعالى، " المَلاَئِكَةَ " مفعول به. وعنه - أيضاً - " وَأَنْزَلَ " مبنيًّا للفاعل عداه بالتضعيف مرة، وبالهمزة أخرى، والاعتذار عن مجيء مصدره على التفعيل كالاعتذار عن ابن كثير. وعنه - أيضاً - " وَأُنْزِلَ " مبنيًّا للمفعول.

وقرأ هارون عن أبي عمرو " وَتُنَزِّلُ المَلاَئِكَةُ " بالتاء من فوق وتشديد الزاي ورفع اللام مضارعاً مبنيًّا للفاعل، " المَلاَئِكَةُ " بالرفعِ مضارع " نَزَّلَ " بالتشديد، وعلى هذه القراءة، فالمفعول محذوف، أي: وتُنَزِّلُ المَلاَئِكَةُ ما أُمِرَتْ أن تُنَزِّله.

وقرأ الخفَّاف عنه، وجناح بن حبيش " وَنَزَلَ " مخففاً مبنيًّا للفاعل، " المَلاَئِكَةُ " بالرفع. وخارحة عن أبي عمرو - أيضاً - وأبو معاذ " ونُزِّلَ " بضم النون وتشديد الزاي، ونصب " المَلاَئِكَةَ " ، والأصل: ونُنْزِلُ بنونين حذفت (إحداهما) وقرأ أبو عمرو وابن كثير في رواية عنهما بهذا الأصل " ونُنَزِّلَ " بنونين وتشديد الزاي.

السابقالتالي
2 3 4 5