الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَـٰذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ }

قوله تعالى: { لَّوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ } " لَوْلاَ " هذه تحضيضية، أي: هَلاَّ، وذلك كثير في اللغة إذا كانت تلي الفعل كقوله:لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي } [المنافقون: 10] وقوله:فَلَوْلاَ كَانَتْ } [يونس: 98].

فأما إذا ولي الاسم فليس كذلك كقوله:لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ } [سبأ: 31]،وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } [النساء: 83]. و " إذْ " منصوب بـ " ظَنَّ " والتقدير: لولا ظَنَّ المؤمنون بأنفسهم إذ سَمِعْتُمُوه. وفي هذا الكلام التفات. قال الزمخشري: فإن قلت: هلا قيل: لولا إذ سمعتموه، ظننتم بأنفسكم خيراً وقلتم، ولِمَ عَدَل عن الخطاب إلى الغيبة وعن الضمير إلى الظاهر؟ قلت: ليبالغ في التوبيخ بطريقة الالتفات، وليصرح بلفظ الإيمان دلالة على أن الاشتراك فيه مقتض ألا يصدق (أحد قالةً في أخيه، وألا يظن بالمسلمين إلا خيراً).

وقوله: " وَلِمَ عدل عن الخطاب "؟ يعني في قوله: " وَقَالُوا " فإنه كان الأصل: " وقلتم " ، فعدل عن هذا الخطاب إلى الغيبة في " وَقَالُوا ".

وقوله: " وعن الضمير " يعني أن الأصل كان " ظَنَنْتُمْ " فعدل عن ضمير الخطاب إلى لفظ المؤمنين.

فصل

المعنى: هلاَّ { إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ } بإخوانهم " خَيْراً ".

وقال الحسن: بأهل دينهم، لأن المؤمنين كنفس واحدة، كقوله:وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ } [النساء: 29]فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } [النور: 61] المعنى: بأمثالكم المؤمنين.

وقيل: جعل المؤمنين كالنفس الواحدة فيما يجري عليها من الأمور، فإذا جرى على أحدهم مكروه فكأنه جرى على جميعهم، كما قال عليه السلام " مَثَلُ المُسْلِمينَ في تَوَاصُلِهِمْ وتراحُمِهِمْ كمثل الجَسَد إذا وجع بعضه وجع كله بالسَّهر والحُمَّى " وقال عليه السلام: " المؤمنُون كالبُنْيَانِ يشدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً ".

وقوله: { هَـٰذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ } أي: كذب بين.