الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ } * { وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّواْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }

قوله: { وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } وهو الإسلام. { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَاطِ } عن دين الحق " لَنَاكِبُونَ " لعادون عن هذا الطريق، لأنَّ طريق الاستقامة واحد وما يخالفه فكثير.

قوله: " عَنِ الصِّرَاطِ " متعلق بـ " نَاكِبُونَ " ولا تمنع لام الابتداء من ذلك على رأي تقدّم تحقيقه. والنُّكُوب والنَّكْبُ: العدول والميل، ومنه: النَّكْبَاء للريح بين ريحين، سُميت بذلك لعدولها عن المهاب، وَنَكَبَتْ حوادثُ الدهرِ، أي: هَبّت هبوب النَّكْبَاء.

والمَنْكِبُ: مجتمع ما بين العَضُدِ والكتف، والأَنْكَبُ: المائل المَنْكِب، ولفلان نِكَابَة في قومه أي: نقابة فتشبه أن تكون الكاف بدلاً من القاف، ويقال: نَكَبَ ونَكَّبَ مخففاً ومثقلاً.

قوله: { وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِّن ضُرٍّ } قحط وجدب وقيل: ضرر القتال والسبي. وقيل: مضار الآخرة وعذابها.

قوله: " للجُّوا " جواب " لَوْ " ، وقد توالى فيه لاَمَان، وفيه تضعيف لقول من قال: جوابها إذا نفي بـ (لم) ونحوها مما صدر فيه حرف النفي بلام أنه لا يجوز دخول اللام ولو قلت: لو قام لَلَمْ يقم عمرو، لَمْ يجز، قال: لئّلا يتوالى لامان، وهذا موجود في الإيجاب كهذه الآية، ولم يمتنع، وإلا فما الفَرْق بين النفي والإثبات في ذلك واللّجَاجُ: التمادي في العناد في تعاطي الفعل المزجور عنه، ومنه اللَّجَّة: بالفتح: لتردد الصوت، كقوله:
3805- في لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاَناً عن فُلِ   
ولجَّة البحر لتردد أمواجه، ولَجَّةُ الليل لتردّد ظلامه. واللَّجْلَجَةُ تردّد الكلام، وهو تكرير لَجَّ، ويقال: لَجَّ والتَجَّ. ومعنى الآية: لتمادوا في طغيانهم وضلالهم وهم متحيرون لم ينزعوا عنه.