الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } * { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ هَـٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْحَقَّ فَهُمْ مُّعْرِضُونَ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِيۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ }

قوله: { لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا } وإلا هنا صفة للنكرة قبلها بمعنى " غير " ، والإعراب فيها متعذر فجعل على ما بعدها. وللوصف بها شروط منها: تنكير الموصوف، أو قربه من النكرة بأن يكون معرفاً بـ (أل) الجنسية.

ومنها أن يكون جمعاً صريحاً كالآية أو ما في قوة الجمع كقوله:
3707- لَوْ كَانَ غَيْرِي سُلَيْمَى الدَّهْرَ غَيَّرهُ   وَقْعُ الحَوَادِثِ إِلا الصَّارِمُ الذَّكَرُ
فـ (إلا الصارم) صفة لـ " غيري " ، لأنه في معنى الجمع. ومنها: أن لا يحذف موصوفها عكس (غير)، وأنشد سيبويه على ذلك قوله:
3708- وَكلُّ أَخٍ مَفارِقُهُ أَخُوهُ   لَعَمْرُ أَبِيكَ إِلاَّ الفَرْقَدَانِ
أي: وكل أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه.

وقد وقع الوصف بـ " إلا " كما وقع الاستثناء بـ " غير " ، والأصل في " إلا " الاستثناء وفي " غير " الصفة. ومن مُلَح الكلام الزمخشري: واعلم أن (إلا) و (غير) يتقارضان. ولا يجوز أن يرتفع الجلالة على البدل من " آلهة " لفساد المعنى. قال الزمخشري: فإن قلت: ما منعك من الرفع على البدل. قلت لأن " لو " بمنزلة " إن " في أن الكلام معها موجب، والبدل لا يسوغ إلا في الكلام غير الموجب كقوله تعالىوَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ } [هود: 81] وذلك لأن أعم العام يصح نفيه ولا يصح إيجابه.

فجعل المانع صناعياً مستنداً إلى ما ذكر من عدم صحّة إيجاب أعم العام. وأحسن من هذا ما ذكره أبو البقاء من جهة المعنى قال: ولا يجوز أن يكون بدلاً، لأن المعنى يصير إلى قولك: لَوْ كَانَ فِيهِمَا الله لفسدتا ألا ترى أنك لو قلت: ما جاءني قومك إلا زيد على البدل لكان المعنى: جاءني زيد وحده.

ثم ذكر الوجه الذي رد به الزمخشري فقال: وقيل يمتنع البدل، لأن قبلها إيجاباً. ومنع أبو البقاء النصب على الاستثناء لوجهين:

أحدهما: أنه فاسد في المعنى، وذلك أنك إذا قلت: لو جاءني القوم إلا زيداً لقتلتهم، كان معناه أن القتل امتنع لكون زيد مع القوم، ولو نصبت في الآية لكان المعنى: أن فساد السموات والأرض امتنع لوجود الله تعالى مع الآلهة، وفي ذلك إثبات إله مع الله. وإذا رفعت على الوصف لا يلزم مثل ذلك، لأن المعنى لو كان فيهما غير الله لفسدتا.

والوجه الثاني: أن " آلهة " هنا نكرة، والجمع إذا كان نكرة لم يستثن منه عند جماعة من المحققين، إذ لا عموم له بحيث يدخل فيه المستثنى لولا الاستثناء. وهذا الوجه الذي معناه، أعني الزمخشري وأبا البقاء، قد أجاز المبرد وغيره أما المبرد فإنه قال: جاز البدل، لأن ما بعد " لو " غير موجب في المعنى والبدل في غير الموجب أحسن من الوصف.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7