الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } * { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّالِحُونَ } * { إِنَّ فِي هَـٰذَا لَبَلاَغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }

قوله: { يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ } الآية. في " يَوْمَ نَطْوِي " أوجه:

أحدهما: أنه منصوب بـ " لاَ يَحْزُنُهُمُ ".

الثاني: أنه منصوب بـ " تَتَلَقاهُم ".

الثالث: أنه منصوب بإضمار (اذكر) أو (أعني).

الرابع: أنه بدل من العائد المقدر تقديره: توعدونه يوم نطوي، فـ " يَوْمَ " بدل من الهاء، ذكره أبو البقاء وفيه نظر، إذ يلزم من ذلك خلو الجملة الموصول بها من عائد على الموصول، ولذلك منعوا جاء الذي مررت به أبي عبد الله، على أن يكون (أبي عبد الله) بدلاً من الهاء لما ذكر، وإن كان في المسألة خلاف.

الخامس: منصوب بالفزع، قاله الزمخشري، وفيه نظر من حيث إنه أعمل المصدر الموصوف قبل أخذه معموله. وقد تقدم أن نافعاً يقرأ " يُحْزنُ " بضم الياء إلا هنا، وأن شيخه ابن القعقاع يقرأ " يَحْزُنُ " بالفتح إلا هنا.

وقرأ العامة " نَطْوِي " بنون العظمة. وشيبة بن نصاح في آخرين " يَطوي " بياء الغيبة، والفاعل هو الله تعالى. وقرأ أبو جعفر في آخرين " تُطْوَى " بضم التاء المثناة من فوق وفتح الواو مبنياً للمفعول. وقرأ العامة " السِّجِلِّ " بكسر السين والجيم وتشديد اللام كالطِّمرّ. وقرأ أبو هريرة وصاحبه أبو زُرْعَة بن عمرو بن جرير بضمهما واللام مشددة أيضاً بزنة " عُتُلٍّ ". ونقل أبو البقاء تخفيفها في هذه القراءة أيضاً فتكون بزنة عُنْقٍ. وأبو السمال وطلحة والأعمش بفتح السين. والحسن وعيسى بن عمر بكسرها. والجيم في هاتين القراءتين ساكنة واللام مخففة.

قال أبو عمرو: قراءة أهل مكة مثل قراءة الحسن. والسِّجل الصحيفة مطلقاً وقيل: مخصوص بصحيفة العهد، وهي من المساجلة وهي المكاتبة.

والسَّجْلُ: الدلو المَلأى. وقال بعضهم: هو فارسيّ معرب فلا اشتقاق له و " طَيّ " مصدر مضاف للمفعول، والفاعل محذوف، تقديره: كما يطوي الرجل الصحيفة ليكتب فيها، أو لما يكتبه فيها من المعاني، والفاعل يحذف مع المصدر باطراد والكلام في الكاف معروف أعني: كونها نعتاً لمصدر مقدر أو حالاً من ضميره. وأصل " طَيّ " طَوْي، فأعلّ كنظائره. وروي عن علي وابن عباس: أنّ السجل اسم ملك يطوي كتب أعمال بني آدم. وروى أبو الجوزاء عن ابن عباس: أنّ السجل اسم رجل كان يكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وعلى هذين القولين يكون المصدر مضافاً لفاعله، والكتاب اسم الصحيفة المكتوبة. قال بعضهم: وهذا القول بعيد، لأنّ كُتَّاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا معروفين وليس فيهم من سُمِّيَ بهذا. قال أبو إسحاق الزجاج: السجل الرجل بلغة الحبشة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6