الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُمْ مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ } * { كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ } * { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ }

قوله تعالى: { يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُمْ مِّنْ عَدُوِّكُمْ } الآية.

قرأ الأخوان " قَدْ أَنْجَيْتُكُمْ " و " وَاعَدتُكُمْ " و " رَزَقْتُكُمْ " بتاء المتكلم. والباقون: " أنْجَيْنَاكُمْ " و " وَاعَدْنَاكُمْ " و " رَزَقْنَاكُمْ " بنون العظمة واتفقوا على " ونَزَّلْنَا " وتقدم خلاف أبي عمرو في " وَعَدْنَا " في البقرة.

وقرأ حميد " نَجَّيْنَاكُم " بالتشديد. وقرىء " الأَيْمَنِ " بالجر. قال الزمخشري: خفض على الجوار كقولهم: جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ.

وجعله أبو حيان: شاذاً ضعيفاً، وخرَّجه على أنَّه نعت " الطُّورِ ".

قال: وصف به لما فيه من اليُمْنِ، أو لكونه على يَمينِ من يستقبل الجبل و " جَانِبَ " مفعول ثان على حذف مضاف، أي إتيان جانب. ولا يجوز أن يكون المفعول الثاني محذوفاًً، " وجَانِبَ " ظرف للوعد، والتقدير: وواعدناكم التوراة في هذا المكان، لأنه ظرف مكان مختص لا يصل إليه الفعل بنفسه، وكما لو قيل: إنه تُوُسِّع في هذا الظرف فجعل مفعولاً به: أي جعل نفس الموعود نحو: سير عليه فرسخَان وبريدان. قوله: " فَيَحِلَّ " قرأ العامة فَيَحِل بكسر الحاء واللام من " يَحْلِلْ ". والكسائي بضمهما.

وابن عيينة وافق العامة في الحاء، والكسائي في اللام. فالعامة من حَلَّ عليه كذا، أي: وَجَبَ، من حَلَّ الدَّيْنُ يَحِلُّ، أي: وجب قضاؤه، ومنه قوله: { حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّه } [البقرة:196]، ومنه أيضاً: { وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ } [هود:39]. [الزمر:40].

وقراءة الكسائي من حَلَّ يَحُلُّ، أي نزل، ومنه { أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ } [الرعد:31] والمشهور أن فاعل " يَحِلُّ " في القراءتين هو " غَضَبِي " وقال صاحب اللوامح: إنه مفعول به وأن الفاعل ترك لشهرته والتقدير: فيحل عليكم طُغْيَانِكُمْ غَضَبِي، ودل على ذلك " وَلاَ تَطْغَوْا " ولا يجوز أن يسند إلى " غَضَبِي " فيصير في موضع رفع بفعله. ثم قال: وقد يحذف المفعول للدليل عليه وهو العذاب ونحوه قال شهاب الدين: فعندَه أنَّ حَلَّ متعد بنفسه، لأنه من الإحلال كما صرح هو به، وإذا كان من الإحلال تعدَّى لواحدٍ، وذلك المتعدي إليه إما " غَضَبِي " (على أن الفاعل) ضمير عائد على الطغيان كما قدَّره، وإما محذوفٌ والفاعل " غَضَبِي " ، وفي عبارته قلق. وقرأ طلحة " لاَ يَحِلَّنَّ عَلَيْكُمْ " بلا الناهية للطغيان فيحق عليكم غضبي، وهو من باب لا أَرَينَّكَ هاهنا.

وقرأ زيد بن علي " وَلاَ تَطْغُوْا " بضم الغين من طغى يطغو كغَزَا يَغْزو.

وقوله: " فَيَحِلَّ " يجوز أن يكون مجزوماً عطفاً على " لاَ تَطْغَوْا " كذا قال أبو البقاء.

السابقالتالي
2 3