الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ }

قوله: " إنْ هَذَانِ " اختلف القراء في هذه الآية فقرأ بن كثير وحده: " إنْ هَذَانِّ " بتخفيف " إنْ " والألف وتشديد النون. وحفص كذلك إلا أنه خفف نون " هذانِ " وقرأ أبو عمر " إنَّ " بالتشديد " هَذَيْنِ " بالياء وتخفيف النون. والباقون كذلك إلا أنهم قرءوا " هذانِ " بالألف.

فأما القراءة الأولى، وهي قراءة ابن كثير وحفص فأوضح القراءات معنًى ولفظاً وخطاً، وذلك أنهما جعلا (إن) المخففة من الثقيلة فأهملت، ولما أهملت كما هو الأفصح من وجهها خيف التباسها بالنافية فجيء باللام فارقةً في الخبر، فـ " هَذَانِ " مبتدأ، و " لَسَاحِرَانِ " خبره، ووافقت خط المصحف، فإن الرسم " هَذَانِ " دون ألف ولا ياء (وسيأتي بيان ذلك).

وأما تشديد نون " هَذَانِّ " فعلى ما تقدم في سورة النساء متقناً، وأما الكوفيون فيزعمون أنَّ " أنْ " نافية (بمعنى (ما)) واللام (إلا) وهو خلاف مشهور، وقد وافق تخريجهم هنا قراءة بعضهم { مَا هَذَانِ إلاَّ سَاحِرَانِ }.

وأما قراءة أبي عمرو فواضحة من حيث الإعراب والمعنى، أما الإعراب فـ " هَذَيْنِ " اسم " إنَّ " وعلامة نصبه الياء، و " لَسَاحِرَانِ " خبرها، ودخلت اللام توكيداً، وأما من حيث المعنى فإنهم أثبتوا لهما السحر بطريق تأكيدي من طرفيه، ولكنهم استشكلوها من حيث خط المصحف، وذلك أنه رسم " هَذَانِ " بدون ألف ولا ياء، فَإِتيانه بالياء زيادة على خط المصحف.

قال أبو إسحاق: لا أجيز قراءة أبي عمرو لأنها خلاف المصحف.

وقال أبو عبيد: رأيتها في الإمام مصحف عثمان " هَذَانِ " ليس فيها ألف وهكذا رأيت رفع الاثنين في ذلك المصحف بإسقاط الألف، وإذا كتبوا النصب والخفض كتبوه بالياء ولا يسقطونها.

قال شهاب الدين: وهذا لا ينبغي أن يرد به على أبي عمرو، وكم جاء في الرسم أشياء خارجة عن القياس، وقد نَصُّوا على أنه لا يجوز القراءة بها، فليكن هذا منها أعني: مما خرج عن القياس، فإن قلت ما نقلته عن أبي عبيد مشترك الإلزام بين أبي عمرو وغيره، فإنهم كما اعترضوا عليه بزيادة الياء يعترض عليهم بزيادة الألف، فإن الألف ثابتة في قراءتهم ساقطة من خط المصحف.

فالجواب ما تقدم من قول أبي عبيد أنه رآهم يسقطون الألف من رفع الاثنين فإذا كتبوا النصب والخفض كتبوه بالياء، وذهب جماعة منهم عائشة - رضي الله عنها - وأبو عمرو إلى أن هذا مما لَحَن فيه الكاتب وأفهم بالصواب يعنون أنه كان من حقه أن يكتبه بالياء فلم يفعل، فلم يقرأه الناس إلا بالياء على الصواب.

السابقالتالي
2 3 4