الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ طه } * { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } * { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } * { تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ ٱلأَرْضَ وَٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلْعُلَى } * { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ } * { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ } * { وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى } * { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ }

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). قوله تعالى: " طَهَ " قرأ أبو عمرو بفتح الطاء وكسر الهاء، وكسرهما جميعاً حمزة والكسائي وأبو بكر والباقون بفتحهما. قال الزجاج: وتقرأ " طَهْ " بفتح الطاء وسكون الهاء، وكلها لغات. قال الزجاج: من فتح الطاء والهاء، فلأن ما قبل الألف مفتوح. ومن كسر الطاء والهاء أمال إلى الكسر، لأن الحرف مقصور، والمقصور يغلب عليه الإمالة إلى الكسر.

فصل

قد تقدم الكلام في الحروف المقطعة أول الكتاب، وفي هذه، وفي هنا قولان، الصحيح أنها من ذلك.

وقيل: إنه مفيد. فقال الثعلبي: (طَا) شجرة طوبى (والهاء) الهاوية. فكأنه أقسم بالجنة والنار. وقال سعيد بن جبير: هو افتتاح اسمه الطيب الطاهر الهادي. وقيل: يا مطمع الشفاعة للأمة، ويا هادي الخلق إلى الملة.

وقيل: (الطاء) تسعة في الحساب، و (الهاء) خمسة يكون أربعة عشر، ومعناه يا أيها البدر، وقيل غير ذلك.

فصل

قيل: معنى (طَهَ) يا رَجُل، وهو مرويّ عن ابن عباس والحسن ومجاهد وسعيد ابن جبير، وقتادة، وعكرمة، والكلبي، ثم قال سعيد بن جبير: بالنبطية، وقال قتادة: بالسريانية، (وقال عكرمة): بالحبشية، وقال الكلبي: بلغة عك، وقيل: عُكْلٌ، وهي لغة يمانية.

وقال الكلبي: إنك لو قلت في عَك، يا رَجُل لم تجب حتى تقول: طَهَ.

وقال الطَّبَري: طَهَ في عَك بمعنى يا رجل، وأنشد قولَ شاعرهم:
3637- دَعَوْتُ بِطَهَ في القِتَالِ فَلَمْ يُجِبْ   فَخِفْتُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَوَائِلاَ
وقول الآخر:
3638- إنَّ السَّفَاهَةَ طَهَ فِي خَلاَئِقِكُمْ   لاَ قَدَّسَ اللهُ أرْوَاحَ المَلاَعِينِ
قال الزمخشري: وأثر الصنعة ظاهر في البيت المستشهد به.

وقال السُّدِّي: معناه يا فلان. وقال الزمخشري أيضاً: ولعل عكًّا تصرفوا في " يَا هَذَا " كأنهم في لغتهم قالبون الياء طاء، فقالوا في (يَا هَذَا): طَا هَذَا، واختصروا (هذا) (فاقْتَصَرُوا عَلَى هَا).

فكأنَّه قيل في الآية الكريمة: يَا هَذَا، وفيه بُعْدٌ كبير. واعترض عليه بعضهم فقال: لو كان كذلك لوجب أن يكتب أربعة أحرف طَاهَا.

قال أبُو حيَّان: ثم تخرص وحرز على عَكَّ ما لم يقله نحوي، وهو أنهم يقلبون " ياء " التي للنداء (طاء)، ويحذفون اسم الإشارة ويقتصرون منه على (ها) التي للتنبيه وقيل: (طَهَ أصله): طأها بهمزة، (طَأْ) أمر، من وطىء يطأ، و (ها) ضمير مفعول يعود على الأرض، ثم أبدل الهمزة لسكونها ألفاً ولم يحذفها في الأمر نظراً إلى أصلها، أي: طأ الأرض بقدميْكَ، وقد جاء في الحديث: " أنَّهُ قَامَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاه " وقرأ الحسن، وعكرمة، وأبو حنيفة، وورش في اختياره " طه " بإسقاط الألف بعد الطاء، و (هاء) ساكنة وفيها وجهان:

أحدهما: أن الأصل (طأ) بالهمزة، أمراً أيضاً من وَطِىء يَطَأ، ثم أبدلت الهمزة هاء كإبدالهم لها في: هرقت، وهرحت، وهنرت، والأصل: أرقت، وأرحت، وأنرت.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8