الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { مَن كَانَ عَدُوّاً للَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ }

هذا نوع آخر من قَبَائح اليهود، ومنكرات أقوالهم، فلا بد من أمر قد ظهر من اليهود حتى أمره ـ تعالى ـ بمخاطبتهم بذلك؛ لأنه يجري مجرى المُحَاجّة، والمفسرون ذكروا أموراً:

أحدها: " أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما قدم " المدينة " أتاه عبد الله بن صوريا فقال يا محمد: كيف نومك، فقد أخبرنا عن نوم النبي الذي يجيء في آخر الزمان؟ فقال عليه الصلاة والسلام: " تَنَامُ عَيْنَايَ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي " قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن الولد أمن الرجل يكون أم من المرأة؟ فقال: " أَمَّا العِظَامُ وَالعَصَبُ وَالعُرُوقُ فَمِنَ الرَّجُل، وأَمَّا اللَّحْمُ وَالدَّمُ وَالظِّفْرُ وَالشَّعْرُ فِمنَ المَرْأَةٍ " فقال: صدقت يا محمد فما بال الولد يشبه أعمامه دون أخواله أو يشبه أخواله دون أعمامه؟ فقال: " أَيُّهُمَا غَلَبَ مَاؤُهُ صَاحِبَهُ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ " ، قال: صدقت فقال: أخبرني أي الطعام حَرَّمَ إسرائيل على نفسه، وفي التوراة أن النبي الأمي بخبر عنه؟ فقال عليه الصلاة والسلام: " أَنْشُدُكُمْ بَاللهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِسْرَائِيْلَ مَرِضَ مَرضاً شَدِيْداً فطَالَ سَقَمُهُ فَنَذَرَ للَّهِ نَذْراً لَئِنْ عَافَاهُ اللهُ مِنْ سَقَمِهِ لَيُحَرِّمَنَّ عَلَى نَفْسِهِ أَحَبَّ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَهُوَ لُحْمَانُ الإِبِلِ وَأَلْبَانُهَا " فقالوا: اللهم نعم.

فقال له: بقيت خصلة واحدة إن قلتها آمنت بك أي ملك يأتيك بما تقول عن الله عز وجل؟ قال: " جِبْريلُ عليه السلام "

. قال: إن ذلك عدونا ينزل بالقتال والشدّة، ورسولنا ميكائيل يأتي بالبشر والرَّخاء فلو كان هو الذي يأتيك آمنا بك فقال عمر رضي الله تعالى عنه: وما مبدأ هذه العداوة؟ فقال ابن صوريا أول هذه العداوة أن الله ـ تعالى ـ أنزل على نبينا أن " بيت المقدس " سيخرب في زمان رجل يقال له: بخت نصرّ ووصفه لنا [وأخبرنا بالجنّ الذي يخرب فيه، فلما كان وقته بعثنا رَجُلاً من قوم بني إسرائيل في طلبه ليقتله، فانطلق حتى لقي بـ " بابل " غلاماً مسكيناً فأخذه ليقتله]. [فطلبناه فلما وجدناه بعثنا لقتله رجالاً] فدفع عنه جبريل وقال: إن سلطكم الله ـ تعالى ـ على قتله فهذا ليس هو ذاك الذي أخبر الله عنه أنه سيخرب " بيت المقدس " فلا فائدة من قتله، ثم إنه كبر وقوي وملك، وغزانا وخرّب " بيت المقدس " ، فلذلك نتّخذه عدوّاً [فأنزل الله تعالى هذه الآية قاله " ابن عباس ـ رضي الله تعالى ـ عنهما، وفي هذا القول نظر؛ لأنهم قالوا في هذه الرواية: إن رسولهم ميكائيل، وهو الذي يأتي بالبِشْر والرخاء، وأنهم يحبونه، ثم إنه ـ تعالى ـ أثبت عدواتهم لميكائيل أيضاً في الآية التي تليها فقال: { مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ } [البقرة:98] وهذا مناقض لهذه الآية المذكورة هاهنا].

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8