الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }

قد تقدم إعراب نظائرها إلا أنّ بعضهم ذكر وجوهاً مردودة لا بُدّ من التنبيه عليها، فأجاز أن يكون " أولئك " مبتدأ، و " الذين اشتروا " خبره، " فلا يُخَفَّف عنهم العَذَاب " خبراً ثانياً لـ " أولئك ".

قال: ودخلت الفاء في جواب الخبر لأجل الموصول المشبه بالشرط وهذا خطأ فإن قوله: " فَلا يُخَفَّفُ " لم يجعله خبراً للموصول حتى تدخل " الفاء " في خبره، وإنما جعله خبراً عن " أولئك " وأين هذا من ذاك؟

وأجاز أيضاً أن يكون الذين مبتدأ ثانياً، و " فلا يخفف " خبَره، دخلت لكونه خبراً للموصول، والجملة خبراً عن " أولئك ".

قال: ولم يَحْتَج هذا إلى عائد؛ لأن " الذين " هم " أولئك " كما تقول: " هذا زيد منطلق " ، وهذا أيضاً خطأ لثلاثة أوجه:

أحدها: خلوّ الجملة من رابط، وقوله: " لأن الذين " هم " أولئك " لا يفيد، فإن الجملة المستغنية لا بُدّ وأن تكون نفس المبتدأ.

وأما تنظيره بـ " هذا زيد منطلق " فليس بصحيح، فإن " هذا " مبتدأ و " زيد " خبره، و " منطلق " خبر ثانٍ، ولا يجوز أن يكون " زيد " مبتدأ ثانياً، و " منطلق " خبره، والجملة خبر عن الأول، للخلو من الرابط.

الثاني: أن الموصول ـ هنا ـ لقوم معيّنين وليس عامّاً، فلم يُشْبه الشرط، فلم تدخل " الفاء " في خبره.

الثالث: أن صلته ماضية لفظاً ومعنى، فلم تشبه فعل الشرط في الاستقبال، فلا يجوز دخول الفاء في الخبر.

فتعيّن أن يكون " أولئك " مبتدأ والموصول بصلته خبرَه، و " فلا يخفف " معطوف على الصِّلَةِ، ولا يضر تَخَالُف الفعلين في الزمان، فإنّ الصِّلاتِ من قبيل الجُمَل، وعطف الجمل لا يشترط فيه اتحاد الزمان، فيجوز أن تقول: جاء الذي قتل زيداً أمس، وسيقتل عَمْراً غداً، وإنما الذي يشترط فيه ذلك حيث كانت الأفعال منزلة منزلة المفردات.

وقيل: دخلت " الفاء " بمعنى جواب الأمر كقوله: أولئك الضّلال انتبه فلا خير فيهم.

فصل في تفسير تخفيف العذاب

حمل بعضهم عدم التخفيف على عدم الانقطاع؛ لأنه لو انقطع لكان قد خفف، وحمله آخرون على الشدّة لا على الدوام، أو في كلّ الأوقات، فإذا وصف عذابهم بأنه لا يخفّف عنهم اقتضى ذلك نَفْيَ جميع ما ذكرناه.

قوله: { وَلاَ هُمْ يَنْصَرُونَ } يجوز في " هو " وجهان:

أحدهما: أن يكون محلّ رفع بالابتداء، وما بعده خبره، ويكون قد عطف جملة اسمية على جملة فعلية وهي: " فلا يخفف ".

السابقالتالي
2