الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

" بلى " حرف جواب كـ " نعم وجير وأَجَل وإي " ، إلا أن " بلى " جواب لنفي متقدم، سواءً دخله استفهام أم لا فيكون إيجاباً له نحو قول القائل ما قام زيد، فتقول: بلى، أي: قد قام، وتقول: أليس زيد قائماً فتقول: بلى أي هو قائم قال تعالى:أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ } [الأعراف:172] ويروى عن ابن عَبّاس أنهم لو قالوا نعم لكفروا.

وقال بعضهم: إن " بلى " قد تقع جواباً لنفي متقدّم وقد تقع جواباً لاستفهام إثبات كما قال عليه الصّلاة والسلام للذي سأله عن عطية أولاده: أَتُحِبُّ أَنْ تُسَاوِيَ بَيْنَ أَوْلاَدِكَ في البِرِّ؟ قال: " بَلَى ".

وقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ لرجل: أَلَسْتَ أَنْتَ الَّذِي لَقِيتُهُ بـ " مكة "؟ قال: " بلى " فأما قوله: [الوافر]
612ـ أَلَيْسَ اللَّيْلُ يَجْمَعُ أُمَّ عَمْرٍو     وَإِيَّانَا، فَذَاكَ بِنَا تَدَانِي
نَعَمْ وَتَرى الْهِلاَلَ كَمَا أَرَاهُ   وَيعْلُوهَا النَّهَارُ كَمَا عَلاَنِي
فقيل: ضرورة.

وقيل: نظر إلى المعنى؛ لأن الاستفهام إذا دخل على النفي قرره وبهذا يقال: فيكف نقل عن ابن عباس أنهم لو قالوا لكفروا مع أنّ النفي صار إيجاباً. وقيل: قوله: " نعم " ليس جواباً بـ " أليس " إنما هو جواب لقوله: " فَذَاكَ بِنَا تَدانِي " فقوله تعالى: " بَلَى " رد لقولهم: { لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ } أي: بلى تمسّكم أبداً، في مقابلة قولهم: { إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ } وهو تقدير حسن.

والبصريون يقولون: إن " بلى " حرف بَسِيْط، وزعم الكوفيون أن أصلها " بل " التي للإضراب زيدت عليها " الباء " ليحسن الوَقْف عليها، وضمنت الياء معنى الإيجاب قيل: تدّل على رد النفي، والياء تدلّ على الإيجاب يعنون بالياء الألف. وإنما سموها ياء؛ لأنها حرف عال وتكتب بالياء.

و " مَنْ " يجوز فيها وَجْهَان.

أحدهما: أن تكون موصولة بمعنى " الذي " والخبر قوله: " فأولئك " ، وجاز دخول الفاء في الخبر لاستكمال الشروط، ويؤيد كونها موصولة، وذكر قسيمها موصولاً وهو قوله: " وَالَّذِينَ كَفَرُوا " ، ويجوز أن تكون شرطية، والجواب قوله: " فَأُوْلَئِكَ " ، وعلى كلا القولين فحملّها الرفع بالابتداء، ولكن إذا قلنا:

إنها موصولة كان الخبر: " فأولئك " وما بعدها بلا خلاف، ولا يكون لقوله: " كَسَبَ سَيِّئَةً " وما عطف عليه محلّ من الإعراب؛ لوقوعة صلة.

وإذا قلنا: إنها شرطية جاء في خبرها الخلاف المشهور، إما الشرط أو الجزاء، أو هما حسب ما تقدم، ويكون قوله: " كَسَبَ " وما عطف عليه في محلّ جزم بالشرط.

" سَيّئة " مفعول به، وأصلها: " سَيْوِئَة "؛ لأنها من ساء يسوءُ فوزنها " فَيْعِلَة " فاجتمع الياء والواو، وسبقت إحداهما بالسكون، فأعلت إعلال " سَيِّد ومَيِّت " كما تقدم.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7