الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } * { فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ }

لما عدّد وجوه إنعامه عليهم شرح [إليهم] ما وجه إليهم من التشديدات.

و " اللام " في [لقد] جواب قسم محذوف تقديره: واللَّهِ لَقَد، وكذلك نظائرها.

قال بعض المتأخرين لها نحو أربعين معنى قال: وجميع أقسام " اللام " التي هي حرف معنى يرجع عند التَّحقيق إلى قسمين: عاملة، وغير عاملة.

فالعاملة قسمان: جارّة، وجازمة، وزاد الكوفيون النَّاصبة للفعل.

وغير العاملة خمسة أقسام: لام ابتداء، ولام فارقة، ولام الجواب، ولام موطّئة، ولام التعريف عند من جعل حرف التعريف أحادياً.

أما الجارة فلها ثلاثون قسماً مذكورة في كتب النحو.

وأمّا الجازمة فلام الأمر، والدعاء والالْتِمَاس. وحركة هذه اللام الكسر.

ونقل ابن مالك عن الفرّاء أن فتحها لغة، ويجوز إسكانها بعد الواو والفاء، وهو الأكثر.

وفي حذف لام الطلب وإبقاء عملها أقوال:

وأما اللام ـ [هنا فهي لام " كي " ] عند الكوفيين، وعند البصريين لام جَرّ.

ولام الجحود نحو: ما كان زيد لِيَذْهَبَ، ولام الصَّيرورة، وتسمى لام التَّعَاقُب، ولام المآل واللام الزائدة كقوله:يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } [النساء:26] واللام بمعنى الفاء كقوله:رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ } [يونس:88] أي: فيضلوا. والكلام على هذه اللاَّمات ليس هذا موضعه، وإنما نبّهنا عليه، فيطلب من مكانه.

و " قد " حرف تحقيق وتوقّع، وتفيد في المضارع التقليلَ إلاّ في أفعالِ الله ـ تعالى ـ فإنها للتحقيق، وقد تخرج المضارع إلى المُضِيِّ كقوله: [البسيط]
563ـ قَدْ أَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرًّا أنَامِلُهُ   كَأَنَّ أثْوَابَهُ مُجَّتْ بِفِرْصَادِ
وهي أداة مختصّة بالفعل، وتدخل على الماضي والمضارع، وتحدث في الماضي التقريب من الحال.

وفي عبارة بعضهم: " قد " حرف يصحب الأفعال، ويُقَرَّب الماضي من الحال، ويحدث تقليلاً في الاستقبال.

والحاصل أنها تفيد مع الماضي أحد ثلاثة مَعَانٍ: التوقّع، التقريب، والتحقيق، ومع المضارع أحد أربعة معانٍ: التوقّع، والتقليل، والتكثير، والتحقيق. قال ابن مالك: " والدَّالة على التقليل تصرف المضارع " ، وكذلك الدّالة على التكثير. وأما الدالة على التحقيق، فقد تصرفه إلى المُضِيِّ، ولا يلزم فيها ذلك، وهي مع الفعل كجزء منه، فلا يفصل بينهما بغير القسم؛ كقوله: [الطويل]
564ـ أخَالِدُ قَدْ ـ وَاللّهِ - أَوْطَأْتَ عَشْوَةً   وَمَا العَاشِقُ المَظْلُومُ فِينَا بِسَارِقِ
وإذا دخلت على الماضي، فيشترط أن يكون متصرفاً، وإذا دخلت على المضارع، فيشترط تجرّدهُ من جازم وناصب، وحرف تنفيس، وتكون اسماً بمعنى " حَسْب "؛ نحو: " قَدْنِي دِرْهَمٌ " ، أي: حَسْبِي، وتتّصل بها نون الوقاية مع ياء المتكلم غالباً، وقد جمع الشاعر بين الأمرين، قال: [الرجز]
565ـ قَدْنِي مِنْ نَصْرِ الخُبْيبَيْنِ قَدِي   
والياء المتّصلة بـ " قدني " في موضع نصب إن كان " قَدْني " اسم فعل، وفي موضع جرّ إن كانت بمعنى " حَسْب ".

السابقالتالي
2 3 4 5 6