الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّٰيَ فَٱرْهَبُونِ }

[اعلم] أنه لما أقام دلائل التوحيد، والنبوة، والمعاد أولاً، ثم عقبها بذكر الإنعامات العامّة لكل البشر عقبها بذكر الإنعامات الخاصّة على أسلاف اليَهُودِ استمالةً لقلوبهم، وتنبيهاً على ما يدلّ على نبوة " محمّد عليه الصَّلاة والسَّلام " من حيث كونها إخباراً عن الغيب، موافقاً لما كان موجوداً في التَّوْراة والإنجيل من غير تعلّم، ولا تتلمُذِ.

قوله: " يَا بَنِي " منادى منصوب وعلامة نصبه الياء؛ لأنه جمع مذكّر سالم، وحذفت نونه للإضافة، وهو شبيه بجمع التَّكسير لتغير مفرده، ولذلك عاملته العرب ببعض معاملة جمع التكسير، فألحقوا في فعله المسند إليه تاء التأنيث، نحو: " قالت بنو فلان " ، وقال الشاعر: [البسيط]
424-قَالَتْ بَنُو عَامرٍ خَالُوا بَنِي أَسَدٍ    يَا بُؤْسَ لِلْجَهْلِ ضَرَّاراً لأَقْوَامِ
وأعربوه بالحركات أيضاً إلحاقاً له به، قال الشاعر: [الوافر]
425-وَكَانَ لَنَا أبُو حَسَنٍ عَليٌّ     أَباً بَرّاً وَنَحْنُ لَهُ بَنِينُ
[فقد روي بَنِينُ] برفع النون، وهل لامه ياء؛ لأنه مشتقّ من البناء؛ لأن الابن من فرع الأب، ومبنيٌّ عليه، أو واو؛ لقولهم: البُنُوَّة كالأُبُوَّة والأُخُوَّة؛ قولان.

الصَّحيح الأول، وأما البُنّوة فلا دلالة فيها؛ لأنهم قد قالوا: الفُتُوَّة ولا خلاف أنها من ذوات " اليَاءِ ".

إلا أن " الأخفش " رجّح الثاني بأن حذف الواو أكثر.

واختلف في وزنه فقيل: " بَنَيٌ " بفتح العين، وقيل: بَنْيٌ - بسكونها، وقد تقدم أنه أحد الأسماء العَشْرة التي سكنت فاؤها وعوض من لامها همزة الوَصْل. و " إسرائيل " خفض بالإضافة، ولا ينصرف للعلمية والعُجْمة، وهو مركّب تركيب الإضافة مثل: " عبد الله " فإن " إِسْرَا " هو العبد بلغتهم، و " إيل " هو الله تعالى. وقيل: " إسْرا " هو مشتقّ من الأسْر، وهو القوّة، فكان معناه الذي قَوَّاه الله.

وقيل " إسْرَا " هو صفوة الله، و " إيل " هو الله.

وقال القَفّال: قيل: إن " إسرا " بالعبرانية في معنى إنسان، فكأنه قيل: رجل الله، فكأنه خطاب مع اليَهُودِ الذين كانوا بالمدينة.

وقيل: إنه أسرى بالليل مهاجراً إلى الله.

وقيل: لأنه أَسَرَ جِنِّيّاً كان يطفىء سِرَاجَ بَيْتِ المَقْدِسِ.

قال بعضهم: فعلى هذا يكون بعض الاسم عربيّاً، وبعضه أعجميّاً، وقد تصرفت فيه العرب بلغات كثيرة أفصحها لغة القرآن، وهي قراءة الجمهور.

وقرأ " أبو جعفر والأعمش ": " إسْرَايِل " بياء بعد الألف من غير همزة، وروي عن " وَرْش " " إسْرَائِل " بهمزة بعد الألف دون ياء، و " إسْرَأَل " بهمزة مفتوحة، و " إسْرَئِل " بهمزة مكسورة بين الراء واللام، و " إسْرَال " بألف محضة بين الراء واللام؛ قال: [الخفيف]

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7