الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ سُبْحَٰنَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { قَالَ يَآءَادَمُ أَنبِئْهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّآ أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِيۤ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ }

" سبحان ": اسم مصدر، وهو التسبيح، وقيل: بل هو مصدر؛ لأنه سمع له فعلٌ ثلاثيٌّ، وهو من الأسماء اللاَّزمة للإضافة، وقد يفرد، وإذا أفرد، منع الصَّرف للتعريف، وزيادة الألف والنون؛ كقوله: [السريع]
371- أَقُولُ لَمَّا جَاءَنِي فَخْرُهُ   سُبْحَانَ............................
وَقَدْ جَاءَ مُنَوَّناً كقوله: [البسيط]
372- سُبْحَانَهُ ثُمَّ سُبْحَاناً نَعُوذُ بِهِ   وَقَبْلَنَا سَبَّحَ الْجُودِيُّ وَالْجُمُدُ
فقيل: صرف ضرورة.

وقيل: هو بمنزلة " قَبْلُ " و " بعدُ " إن نوي تعريفه بقي على حاله، وإن نكر أعرب منصرفاً، وهذا البيت يساعد على كونه مصدراً لا اسم مصدر، لوروده منصرفاً.

ولقائل القول الأول أن يجيب عنه بأن هذا نكرة لا معرفة، وهو من الأسماء اللازمة النصب على المصدرية، فلا ينصرف والناصب له فعل مقدر لا يجوز إظْهَاره، وقد روي عن الكَسائِيّ أنه جعله مُنَادى تقديره: يا سُبْحَانك ومنعه جمهور النحويين وإضافته - هُنَا - إلى المفعول؛ لأن المعنى: نسبحك نحن.

وقيل: بل إضافته للفاعل، والمعنى تنزّهت وتباعدت من السُّوء.

وسبحانك العامل فيه في مَحَلّ نصب بالقول.

قوله: { لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا } كقوله:لاَ رَيْبَ فِيهِ } [البقرة:2] و " إلاّ " حرف استثناء، و " ما " موصولة، و " علمتنا " صلتها، وعائدها محذوف، على أن يكون " علم " بمعنى " معلوم " ، ويجوز أن تكون مصدرية، وهي في محلّ نصب على الاستثناء، ولا يجوز أن تكون منصوبةً بالعلم الذي هو اسم " لا "؛ لأنه إذا عمل كان معرباً.

وقيل: في محلّ رفع على البَدَلِ من اسم " لا " على الموضع.

وقال ابن عطية: هو بدلٌ من خبر التبرئة كقولهم: " لا إله إلا الله " ، وفيه نظر؛ لأن الاستثناء إنَّمَا هو من المحكوم عليه بقيد الحكم لا من المحكوم به.

ونقل هو عن " الزّهراوي " أن " ما " منصوبةٌ بـ " علمتنا " بعدها، وهذا غير معقول؛ لأنه كيف ينتصب الموصول بصلته وتعمل فيه؟

قال أبو حيان: إلاّ أن يتكلّف له وجه بعيد، وهو أن يكون استثناء منقطعاً بمعنى لكن، وتكون " ما " شرطية، و " علمتنا " ناصب لها، وهو في محل جزم بها، والجواب محذوف، والتقدير: " لكن ما علمتنا علمناه ".

قوله: { إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ }.

فصل

الضمير يحتمل ثلاثة أوجه:

أحدها: أن يكون تأكيداً لاسم " إنَّ " فيكون منصوب المحل، وأن يكون مبتدأ، وخبره ما بعده، والجملة خبر " إنَّ " ، وأن يكون فصلاً، وفيه الخلاف المشهور.

وهل له محل من الإعراب أم لا؟

وإذا قيل: إن له محلاًّ، فهل بإعراب ما قبله كما قال الفراء، فيكون في محل نصب، أو بإعراب ما بعده فيكون في محل رفع كقول الكسائي؟

قوله: " الحكيم " خبر ثانٍ أو صفة " العليم " ، وهما " فعيل " بمعنى " فاعل " وفيهما من المُبالَغة ما ليس فيه.

السابقالتالي
2 3 4