الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَٰئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ }

اعلم أن الملائكة لما سألوا عن وجه الحكمة، فأجابهم على سبيل الإجمال بقوله:إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [البقرة:30].

أراد الله تعالى أن يزيدهم بياناً، وأن يفصّل لهم ذاك المُجْمَل، فبين تعالى لهم من فضل آدم - عليه الصلاة والسلام - ما لم يكن معلوماً لهم، وذلك بأن علم آدم الأسماء كلها، ثم عرضهم عليهم ليظهر بذلك كَمَال فَضْله، وقُصُورهم عنه في العلم، فيتأكّد ذلك الجواب الإجمالي بهذا الجواب التفصيلي.

فصل في إعراب الآية

قوله: { وَعَلَّمَ آدَمَ ٱلأَسْمَآءَ } هذه الجملة يجوز ألاَّ يكون لها مَحَلّ من الإعراب، لاستئنافها، وأن يكون محلها الجر، لعطفها على " قَالَ رَبُّكَ ".

و " علم " متعدّية إلى اثنين، وكانت قبل التضعيف متعديةً لواحد؛ لأنها عرفانية، فتعدّت بالتضعيف لآخر، وفرقوا بين " علم " العِرْفانية واليَقِينيّة في التعدية، فإذا أرادوا أن يعدوا اليقينية عدوها بالهمزة ذكر ذلك " أبو علي الشّلوبين ".

وفاعل " علم " يعود على الباري تَعَالى، و " آدم " مفعوله.

وآدم - عليه الصلاة والسلام - كُنيته أبو البَشَر، وقيل: أبو محمد ذكره السُّهيلي، وقيل: كنيته في الأرض أبو البشر، وكنيته في الجنة أبو محمد.

وأصله بهمزتين، لأنه " أفعل " إلا أنهم لَيَّنُوا الثانية، فإذا احتجت إلى تحريكها جعلتها " واواً " فقلت: " أوادم " في الجمع؛ لأنه ليس لها أصل في الياء معروف، فجعلت الغالب عليها الواو، عن " الأخفش ".

وفي " آدم " ستة أقوال: أرجحها أنه اسم أعجمي لا اشتقاق فيه، ووزنه " فَاعَل " كَنَظَائره نحو: " آزر " و " شالخ " ، وإنّما مُنعَ من الصَّرف للعلمية والعُجْمة الشخصية.

والثاني: أنه مشتقٌّ من " الأُدْمَةِ " ، وهي حُمْرَةٌ تميل إلى السَّوَاد، واختلفوا في الأُدْمَةِ، فزعم " الضَّحاك " أنها السُّمرة، وزعم " النَّضْر " أنها البياض، وأن آدم - عليه الصلاة والسلام - كان أبيض، مأخوذ من قولهم: ناقة أَدْمَاء، إذا كانت بيضاء، وعلى هذا الاشتقاق جمعه " أَدْمٌ " و " أَوَادِمُ " كـ " حُمَرٍ " و " أَحَامِرَ " ، ولا ينصرف بوجه.

الثالث: أنه مشتقٌ من أديم الأرض، وهو وجهها. ومنع من الصَّرف على هَذَيْنِ القولين للوزن والعلميّة.

الرابع: أنه مشتقٌّ من أَدِيم أيضاً على هذا الوزن أعني وزن فاعل، وهذا خطأ، لأنه كان يبنغي أن ينصرف، لأن كونه مشتقٌّ من الأُدْمَة، وهو أديم الأرض جمعه " آدَمُون " فيلزم قائلو هذه المقالة صرفه.

الخامس: أنه عِبْرِيّ من الإدام، وهو التراب.

السّادس: قال " الطبري ": إنه في الأصل فعل رباعي مثل: " أكرم " ، وسمي به لغرض إظهار الشيء حتى تعرف جِهَته.

السابقالتالي
2 3 4 5