الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَئِنْ أَتَيْتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ }

قوله تعالى: { وَلِئَنْ أَتَيْتَ } فيه قولان:

أحدهما: قول سيبويه وهو أن " اللام " هي الموطّئة للقسم المحذوف، و " إن " شرطية، فقد اجتمع شرط وقسم، وسبق القسمن فالجواب له إذ لم يتقدمهما ذو خبر، فلذلك جاء الجواب للقسم بـ " ما " النافية وما بعدها، وحذف جواب الشرط لسدّ جواب القسم مسده، ولذلك جاء فعل الشرط ماضياً؛ لأنه متى حذف الجواب وجب مضيّ فعل الشرط إلا في ضرورة، و " تَبِعُوا " وإن كان ماضياً لفظاً فهو مستقبل معنى أي: ما يتبعون لأن الشرط قيد في الجملة والشرط مستقبل، فوجب أن يكون مضمون الجملة مستقبلاً ضرورة أن المستقبل لا يكون شرطاً في الماضي.

الثاني: وهو قول الفراء، وينقل أيضاً عن الأخفش والزجاج أن " إن " بمعنى " لو " ، ولذلك كانت " ما " في الجواب، وجعل " ما تَبِعُوا " جواباً لـ " إن " لأنها بمعنى " لو ".

أما إذا لم تكن بمعناها، فلا تجاب بـ " ما " وحدها، بل لا بد من الفاء، تقول: إن تزرني فما أزورك.

ولا يجيز الفراء: " ما أزورك " بغير فاء

وقال ابن عطية: وجاء جواب " لئن " كجواب " لو " ، وهي ضدها في أنَّ " لو " تطلب المضي والوقوع، و " إنْ " تطلب الاستقبال؛ لأنهما جميعاً يترتب قبلهما القسم، فالجواب إنما هو للقسم؛ لأن أحد الحرفين يقع موضع الآخر هذا قول سيبويه.

قال أبو حيان: هذا فيه تثبيج، وعدم نصّ على المراد؛ لأن أوله يقتضي أن الجواب لـ " إن " ، وقوله بعد: الجواب للقسم يدل على أنه ليس لـ " إن " ، وتعليله بقوله: لأن أحد الحرفين يقع موقع الآخر لا يصلح علة لكون " ما تَبِعُوا " جواباً للقسم، بل لكونه جواباً لـ " إن ".

وقوله: " قول سيبويه " ليس في كتاب سيبويه ذلك، إنما فيه أن " ما تبعوا " جواب القَسَم، ووقع فيه الماضي موقع المستقبل.

قال سيبويه وقالوا: لئن فعلت ما فعل، يريد معنى ما هو فاعل وما يفعل.

وتلّخص مما تقدم أن قوله: " مَا تَبِعُوا " فيه قولان:

أحدهما: أنه جواب للقسم سادّ مسدّ جواب الشرط، ولذلك لم يقترن بالفاء.

والثاني: أنه جواب لـ " إن " إجراء لها مجرى " لو ".

وقال أبو البقاء: " ما تَبِعُوا " أي: لا يتبعوا فهو ماض في معنى المستقبل، ودخلت " ما " حملاً على لفظ الماضي، وحذفت الفاء في الجواب؛ لأن فعل الشرط ماض.

السابقالتالي
2 3 4 5 6