قوله تعالى: { وَلِئَنْ أَتَيْتَ } فيه قولان: أحدهما: قول سيبويه وهو أن " اللام " هي الموطّئة للقسم المحذوف، و " إن " شرطية، فقد اجتمع شرط وقسم، وسبق القسمن فالجواب له إذ لم يتقدمهما ذو خبر، فلذلك جاء الجواب للقسم بـ " ما " النافية وما بعدها، وحذف جواب الشرط لسدّ جواب القسم مسده، ولذلك جاء فعل الشرط ماضياً؛ لأنه متى حذف الجواب وجب مضيّ فعل الشرط إلا في ضرورة، و " تَبِعُوا " وإن كان ماضياً لفظاً فهو مستقبل معنى أي: ما يتبعون لأن الشرط قيد في الجملة والشرط مستقبل، فوجب أن يكون مضمون الجملة مستقبلاً ضرورة أن المستقبل لا يكون شرطاً في الماضي. الثاني: وهو قول الفراء، وينقل أيضاً عن الأخفش والزجاج أن " إن " بمعنى " لو " ، ولذلك كانت " ما " في الجواب، وجعل " ما تَبِعُوا " جواباً لـ " إن " لأنها بمعنى " لو ". أما إذا لم تكن بمعناها، فلا تجاب بـ " ما " وحدها، بل لا بد من الفاء، تقول: إن تزرني فما أزورك. ولا يجيز الفراء: " ما أزورك " بغير فاء وقال ابن عطية: وجاء جواب " لئن " كجواب " لو " ، وهي ضدها في أنَّ " لو " تطلب المضي والوقوع، و " إنْ " تطلب الاستقبال؛ لأنهما جميعاً يترتب قبلهما القسم، فالجواب إنما هو للقسم؛ لأن أحد الحرفين يقع موضع الآخر هذا قول سيبويه. قال أبو حيان: هذا فيه تثبيج، وعدم نصّ على المراد؛ لأن أوله يقتضي أن الجواب لـ " إن " ، وقوله بعد: الجواب للقسم يدل على أنه ليس لـ " إن " ، وتعليله بقوله: لأن أحد الحرفين يقع موقع الآخر لا يصلح علة لكون " ما تَبِعُوا " جواباً للقسم، بل لكونه جواباً لـ " إن ". وقوله: " قول سيبويه " ليس في كتاب سيبويه ذلك، إنما فيه أن " ما تبعوا " جواب القَسَم، ووقع فيه الماضي موقع المستقبل. قال سيبويه وقالوا: لئن فعلت ما فعل، يريد معنى ما هو فاعل وما يفعل. وتلّخص مما تقدم أن قوله: " مَا تَبِعُوا " فيه قولان: أحدهما: أنه جواب للقسم سادّ مسدّ جواب الشرط، ولذلك لم يقترن بالفاء. والثاني: أنه جواب لـ " إن " إجراء لها مجرى " لو ". وقال أبو البقاء: " ما تَبِعُوا " أي: لا يتبعوا فهو ماض في معنى المستقبل، ودخلت " ما " حملاً على لفظ الماضي، وحذفت الفاء في الجواب؛ لأن فعل الشرط ماض.