الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ قُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }

" قولوا ": في هذا الضمير قولان:

أحدهما: أنه للمؤمنين، والمراد بالمنزل إليهم القرآن على هذا.

والثاني: أنه يعود على القائلين كانوا هوداً أو نصارى.

والمراد بالمُنزل إليهم: إما القرآن، وإما التوراة والإنجيل

[قال الحسن رحمه الله تعالى: لما حكى الله ـ تعالى ـ عنهم أنهم قالوا: كونوا هوداً أو نصارى ذكر في مقابلته للرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قل: بل " ملة " إبراهيم، قال: { قُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ } ].

وجلمة " آمنَّا " في محلّ نصب بـ " قولوا " ، وكرر الموصول في قوله: { وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } لاختلاف المُنزل إلينا، والمنزل إليه، فلو لم يكرر لأوهم أن المنزل إلينا هو المنزل إليهم، ولم يكرر في " عيسى "؛ لأنه لم يخالف شريعة موسى إلاّ في نزر يسير، فالذي أوتيه عيسى هو عَيْن ما أوتيه موسى إلا يسيراً، وقدم المنزل إلينا في الذكر، وإن كان متأخراً في الإنزال تشريفاً له.

والأَسْبَاط جمع " سِبْط " وهم في ولد يعقوب كالقبائل في ولد إسماعيل والشّعوب في العجم.

وقيل: هم بنو يعقوب لصلبه.

وقال الزمخشري: " السبط هو الحَافِدُ ".

واشتقاقهم من السبط وهو التتابع، سموا بذلك؛ لأنهم أمة متتابعون.

وقيل: من " السَّبط " بالتحريك جمع " سَبَطَة " وهو الشجر الملتف.

وقيل لـ " الحَسَنَيْنِ ": سِبْطا رسول الله صلى الله عليه وسلم لانتشار ذرّيتهم.

ثم قيل لكل ابن بنت: " سِبْط ".

قال القرطبي رحمه الله تعالى: جمع إبراهيم براهم، وإسماعيل سماعيل، قاله الخليل وسيبويه والكوفيون، وحكوا: بَراهِمة وسَماعِلة، وحكوا براهِم وسماعِل.

قال محمد بن يزيد: هذا غلط؛ لأنه الهمزة ليس هذا موضع زيادتها، ولكن أقول: أباره وأسامع، ويجوز أباريه وأساميع.

وأجاز أحمد بن يحيى " بِراه " ، كما يقال في التصغير " بريه ".

قوله: { وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ } يجوز في " ما " وجهان:

أحدهما: أن تكون في محل جر عطفاً على المؤمن به، وهو الظاهر.

والثاني: أنها في محل رفع بالابتداء، ويكون { وَمَا أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ } عطفاً عليها. وفي الخبر وجهان:

أحدهما: أن يكون " من ربهم ".

والثاني: أن يكون " لا نُفَرِّقُ " هكذا ذكر أبو حيان، إلا أن في جعله " لا نُفَرِّقُ " خبراً عن " ما " نظر لا يخفى من حيث عدم عود الضمير عليها.

ويجوز أن تكون " ما " الأولى عطفاً على المجرور، و " ما " الثانية مبتدأه، وفي خبرها الوجهان، وللشيخ أن يجيب عن عدم عود الضمير بأنه محذوف تقديره: لا نفرق فيه، وحذف العائد المجرور بـ " في " مطَّرِد كما ذكر بعضهم، وأنشد: [المتقارب]

السابقالتالي
2