الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ } * { يَابَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }

قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } رفع بالابتداء، وفي خبره وجهان:

أحدهما: " يَتْلُونَهُ " ، وتكون الجملة من قوله: " أولئِكَ يُؤْمِنُونَ ": إما مستأنفة وهو الصحيح.

وإما حالاً على قول ضعيف تقدم مثله أول السورة.

والثاني: أن الخبر هو الجملة من قوله: " أولئِكَ يُؤْمِنُونَ ".

ويكون " يَتْلُونَهُ " في محلّ نصب على الحال إما من المفعول في " ءَاتْنَاهُمْ " وإما من الكتاب، وعلى كلا القولين فهي حال مقدرة؛ لأن وقت الإيتاء لم يكونوا تالين، ولا كان الكتاب متلوًّا.

وجوز الحوفي أن يكون " يتلونه " خبراً، و " أولَئِكَ يُؤْمِنُونَ " خبراً بعد خبر، قال: مثل قولهم: " هذا حلو حامض " كأنه يريد جعل الخبرين في معنى خبر واحد، هذا إن أريد بـ " الذين " قوم مخصوصون.

وإن أريد بهم العموم، كان " أولئِكَ يُؤْمِنُونَ " الخبر.

قال جماعة ـ منهم ابن عطية رحمه الله وغيره ـ و " يَتْلُونَهُ " حالاً لا يستغنى عنها، وفيها الفائدة.

وقال أيضاً أبو البقاء: ولا يجوز أن يكون " يَتْلُونَهُ " خبراً؛ لئلا يلزم منه أنّ كل مؤمن يتلو الكتاب حَقَّ تلاوته بأي تفسير فسرت التلاوة قال أبو حيان: ونقول: ما لزم من الامتناع مِنْ جَعْلِهَا خبراً يلزم في جعلها حالاً؛ لأنه ليس كل مؤمن على حال التلاوة بأي تفسير فسرت التلاوة.

قوله تعالى: " حَقَّ تِلاَوَتِهِ " فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه نصب على المصدر وأصله: " تلاوةً حقًّا " ثم قدم الوصف، وأضيف إلى المصدر، وصار نظير " ضربت شديد الضرب " أي: ضَرْباً شديداً. فلما قدم وصف المصدر نصب نصبه.

الثاني: أنه حال من فاعل " يَتْلُونَهُ " أي: يتلونه محقين.

الثالث: أنه نعت مصدر محذوف.

وقال ابن عطية: و " حَقَّ " مصدر، والعامل فيه فعل مضمر، وهو بمعنى " أفعل " ، ولا تجوز إضافته إلى واحد معرف، إنما جازت هنا؛ لأن تَعَرُّفَ التلاوة بإضافتها إلى الضمير ليس بتعرف محض، وإنما هو بمنزلة قولهم: رجل وَاحِدُ أُمِّه ونَسِيجُ وحده يعني: أنه في قوة " أفعل " التفضيل بمعنى أحقّ التلاوة، وكأنه يرى أن إضافة " أفعل " غير محضة، ولا حاجة إلى تقدير عامل فيه؛ لأن ما قبله يطلبه. والضمير في " به " فيه أربعة أقوال:

أحدها ـ وهو الظاهر ـ: عوده على الكتاب.

الثاني: عوده على الرسول، قالوا: " ولم يَجْرِ له ذكر لكنه معلوم " ، ولا حاجة إلى هذا الاعتذار، فإنه مذكور في قوله:أَرْسَلْنَاكَ } [البقرة:119]، إلا أن فيه التفاتاً من خطاب إلى غيبة.

السابقالتالي
2