الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذٰلِك فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً }

قوله تعالى: { وَإِن مِّن قَرْيَةٍ } الآية.

فلمَّا قال:إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً } [الإسراء: 57] بيَّن أنَّ كلَّ قرية مع أهلها، فلا بدَّ وأن يرجع حالها إلى أحد أمرين: إمَّا الإهلاك، وإمَّا التَّعذيب.

قال مقاتلٌ: أما الصالحة فبالموت، وأما الطالحة، فبالعذاب.

وقيل: المعنى: وإن من قريةٍ من قرى الكفَّار، فلا بدَّ وأن يكون عاقبتها إمَّا بالاستئصال بالكلِّيَّة، وهو الهلاك، أو بعذاب شديدٍ من قتل كبرائهم، وتسليط المسلمين عليهم بالسَّبي، واغتنام الأموالِ، وأخذ الجزية { كَانَ ذَٰلِك فِي ٱلْكِتَٰبِ مَسْطُوراً } في اللَّوح المحفوظ.

قال صلوات الله وسلامه عليه: " أوَّل ما خلق الله تعالى القلم قال: أكتُبْ، قال: ما أكْتبُ؟ قال: القَدَر، وما هُو كَائِنٌ إلى الأبدِ ".

و " إنْ " نافية و " مِنْ " مزيدة في المبتدأ، لاستغراق الجنس. وقال ابن عطيَّة: هي لبيان الجنس، وفيه نظر من وجهين:

أحدهما: قال أبو حيَّان: " لأنَّ التي للبيان، لا بدَّ أن يتقدَّمها مبهم ما، تفسِّره؛ كقوله تعالى:مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ } [فاطر: 2]، وهنا لم يتقدم شيء مبهم " ثم قال " ولعلَّ قوله " لبيان الجنس " من الناسخ، ويكون هو قد قال: لاستغراقِ الجنس؛ ألا ترى أنه قال بعد ذلك " " وقيل: المراد الخصوص ".

وخبر المبتدأ الجملة المحصورة من قوله: { إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا }.

والثاني: أنَّ شرط ذلك أن يسبقها محلَّى بأل الجنسيَّة، وأن يقع موقعها " الذي " كقوله:فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ } [الحج: 30].