الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن كَانَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ } * { فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ }

قوله تعالى: { وَإِن كَانَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ } " إنْ " هي المخففة، واللام فارقة وهي للتأكيد، وقد تقدَّم حكم ذلك [البقرة:143].

و " الأيْكَة ": الشَّجرة الملتفَّّة، واحدة الإيْكِ. قال: [الكامل]
3290ـ تَجْلُو بِقَادمتَي حَمامَةِ أيْكَةٍ     بَرَداً أسِفَّ لِثاتهُ بالإثْمِدِ
ويقال: لَيْكَة، وسيأتي بيانه عند اختلاف القرَّاء فيه الشعراء: [176] إن شاء الله ـ تعالى ـ.

وأصحاب الأيكة: قوم شعيب كانوا أصحاب غياضٍ، وشجرٍ متلفٍّ.

قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: وكان عامة شجرهم الدوم، وهو المقل.

{ فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } بالعذاب.

روي أنَّ الله ـ تعالى ـ سلَّط عليهم الحر سبعة أيَّام، فبعث الله ـ سبحانه ـ سحابة فالتجئوا إليها يلتمسون الرَّوْحَ؛ فبعث الله عليهم منها ناراً، فأحرقتهم، فهو عذابُ يوم الظُّلة.

قوله تعالى: { وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } في ضمير التثنية أقوال:

أرجحها: عوده على [قريتي] قوم لوطٍ، وأصحاب الأيكةِ، وهم: قوم شعيبٍ؛ لتقدُّمها ذكراً.

وقيل: يعود على لوطٍ وشعيبٍ، [وشعيبٌ] لم يجر له ذكر، ولكن دلَّ عليه ذكر قومه.

وقيل: يعود على الخبرين: خبر هلاك قوم لوطٍ، وخبر إهلاك قوم شعيبٍ.

وقيل: يعود على أصحاب الأيكةِ، وأصحاب مدين؛ لأنه مرسلٌ إليهما، فذكر أحدهما يشعر بالأخرى.

وقوله ـ جل ذكره ـ { لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } أي: بطريق واضح، والإمام [اسم لما] يؤتمُّ به.

قال الفراء، والزجاج: " إنَّما جعل الطَّريقُ إماماً؛ لأنه يؤمُّ، ويتبع ".

قال ابن قتيبة: لأنَّ المسافر يأتمُّ به حتى يصير إلى الموضع الذي يريده.

وقوله: " مُبينٍ " يحتمل أنه مبين في نفسه، ويحتمل أنه مبين لغيره، لأن الطريق تهدي إلى المقصد.