الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤرَ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } * { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ } * { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } * { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ } * { مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } * { وَقَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } * { لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِٱلْمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ } * { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }

قوله تعالى: { الۤرَ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } تقدَّم نظير { تِلْكَ آيَاتُ } أول الرعد، والإشارة بـ " تِلْكَ " إلى ما تظمنته السورة من الآيات، ولم يذكر الزمشخريُّ غيره.

وقيل: إشارة إلى الكتاب السالف، وتنكير القرآن للتفخيم، والمعنى: تلك آياتُ ذلك الكتاب الكامل في كونه كتاباً، وفي كونه قرآناً مفيداً للبيان.

والمراد بـ " الكِتَابِ " والـ " قُرآن المبينِ ": الكتاب الذي وعد به محمد ـ صلوات الله وسلام عليه ـ، أي: مبين الحلال من الحرامِ، والحقَّ من الباطل.

فإن قيل: لِمَ ذكر الكتاب، ثم قال: " وقُرْءَانٍ " ، وكلاهما واحدٌ؟.

قيل: كلُّ واحدٍ يفيد فائدة أخرى؛ فإنَّ الكتاب ما يكتبُ، والقرآن ما يجمع بعضه إلى بعض.

وقيل: المراد بـ " الكِتَابِ " التَّوراةُ والإنجيلُ، فيكون اسم جنسٍ، وبالـ " قرآن ": هذا الكتاب.

قوله: { رُّبَمَا يَوَدُّ } في " رُبَّ " قولان:

أحدهما: أنها حرف جرٍّ، وزعم الكوفيُّون، وأبو الحسنِ، وابنُ الطَّراوة: أنها اسمٌ، ومعناها: التَّقليلُ على المشهور.

وقيل: تفيد التكثير في مواضع الافتخار؛ كقوله: [الطويل]
3253ـ فَيَا رُبَّ يَوْمٍ قَدْ لَهوْتَُ ولَيْلةٍ     بآنِسَةٍ كأنَّها خَطُّ تِمْثَالِ
وقد أجيب عن ذلك: بأنها لتقليل النَّظير.

وفيها سبعة عشرة لغة وهي:

" رُبَّ " بضمِّ الراءِ وفتحها كلاهما مع تشديد الباء، وتخفيفها، فهذه أربع، ورويت بالأوجه الأربعة، مع تاء التأنيث المتحركة، و " رُب " بضم الراء وفتحها مع إسكان الباء، و " رُبُّ " بضم الراء والباء معاً مشددة ومخففة، و " رُبَّت ".

وأشهرها: " رُبَّ " بالضم والتشديد والتخفيف، وبالثانية قرأ عاصمٌ ونافعٌ وباتصالها بتاء التأنيث، قرأ طلحة بن مصرف، وزيد بن علي: " رُبَّتما " ، ولها أحكام كثيرة:

منها: لزوم تصديرها، ومنها تنكير مجرورها؛ وقوله: [الخفيف]
3254ـ رُبَّما الجَاملِ المُؤبل فِيهمْ     وعَناجيجُ بَينهُنَّ المَهارِي
ضرورة في رواية من جرَّ " الجَاملِ ".

ويجر ضمير لازم التفسير بعده، ويستغنى بتثنيتها وجمعها، وتأنيثها عن تثنية الضمير، وجمعه، وتأنيثه؛ كقوله: [البسيط]
3255ـ......................     ورُبَّهُ عَطِباً أنْقَذْتَ مِنْ عَطَبِهْ
والمطابقة؛ نحو: ربَّهُما رجُلَيْنِ، نادر، وقد يعطف على مجرورها ما أضيف إلى ضميره، نحو: رُبَّ رجُلٍ وأخيه، وهل يلزم وصف مجرورها؛ ومضيُّ ما يتعلق به على خلاف، والصحيح عدم ذلك؛ فمن مجيئه غير موصوف قول هند: [مجزوء الكامل]
3256ـ يَا رُبَّ قائلةٍ غَداً     يَا لَهْفَ أم مُعاوِيَه
ومن مجيء المستقبل، قوله: [الوافر]
3257ـ فَإن أهْلِكَ فرُبَّ فتًى سَيَبْكِي     عَليَّ مُهذَّبٍ رَخْصِ البَنانِ
وقول هند: [مجزوء الكامل]
3258ـ يَا رُبَّ قَائلةٍ غَداً     ..........................
وقول سليم: [الطويل]
3259ـ ومُعْتَصِمٍ بالحيِّ من خَشْيَةِ الرَّدَى     سَيَرْدَى وغَازٍ مُشفِقٍ سَيَئُوبُ
فإن حرف التنفيس، و " غداً " خلَّصاه للاستقبال.

و " رُبَّ " تدخل على الاسم، و " رُبَّما " على الفعل، ويقال: ربَّ رجُلٍ جَاءنِي، ورُبَّما جَاءنِي.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8