ثم قال: { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } الآية النَّبأ: الخبر، والجمع الأنباء؛ قال الشاعر: [الوافر]
3196ـ ألَمْ يَأتِيكَ والأنْبَاءُ تَنْمِي
........................
قال أبو مسلم: " يحتمل أن يكون خطاباً من موسى ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ [لقومه، يخوفهم بمثل هلاك من تقدمهم، ويجوز أن يكون مخاطبة من الله تعال على لسان موسى ـ عليه السلام ـ] لقومه: يذكرهم أمر القرون الأولى؛ ليعتبروا بأحوال المتقدمين ". روي عن عبد الله ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قرأ هذه الآية ثمَّ قال: " كَذبَ النَّسَّابُونَ ". وعن عبد الله بن عبَّاسٍ ـ رضي الله عنهما ـ قال: بين إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وبين عدنان ثلاثون [أباً] لا يعلمهم إلا الله وكان مالك ابن أنس ـ رضي الله عنه ـ يكره أن ينسب الإنسانت [نفسه أباً أباً] إلى آدم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وكذلك في حق النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ؛ لأنه لا يعلم أولئك الآباء أحد إلا الله تعالى، ونظيره: قوله تعالى{ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً } [الفرقان:38] وقوله:{ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ } [غافر:78] وكان ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ في نسبه لا يجاوز معد بن عدنان. وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: " تَعلَّمُوا من أنْسَابِكُم ما تصلُونَ بِه أرحَامَكُمْ وتعلمُوا مِنَ النُّجُوم ما تَسْتدِلُّونَ بِهِ على الطَّريقِ ". وقيل: المراد بقولهم: " لا يَعْلمُهمْ " أي: عددهم، وأعمارهم، وكيفياتهم. وقال عروة بن الزبير: " ما وجدنا أحداً يعرف ما بين عدنان، وإسماعيل ". قوله: " قَوم نُوحٍ " بدل، أو عطف. قوله: { وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ } " يجوز أن يكون عطفاً من الموصول الأول، أو على المبدل منه، وأن يكون مبتدأ خبره: { لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ } ، { جَآءَتْهُمْ } خبر آخر وعلى ما تقدم يكون: { لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ } حالاً من " الَّذينَ " أو من الضمير في: " مِنْ بعْدِهمْ " لوقوعه صلة ". وهذا عَنَى أبو البقاءِ بقوله: حال من الضمير في: " مِن بَعْدهِمْ " ولا يريد به الضمير المجرور؛ لأنَّ مذهبه منع الحال من المضاف، وإن كان بعضهم جوزه في صوره وجوز أيضاً هو والزمخشري أن يكون استئنافاً. وقال الزمخشري: " والجملة من قوله: { لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ } اعتراض ". ورد عليه أبو حيان: بأن الاعتراض إنما يكون بين جزءين، أحدهما يطلب الآخر. ولذلك لما أعرب الزمخشريُّ: " والَّذينَ " مبتدأ، و " لا يَعْلمُهُمْ " خبره، قال: " والجملة من المبتدأ، والخبر اعتراض " ، واعترضه أبو حيَّان أيضاً بما تقدَّم.