الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فِيۤ أَفْوَٰهِهِمْ وَقَالُوۤاْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ } * { قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى قَالُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ آذَيْتُمُونَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ }

ثم قال: { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } الآية النَّبأ: الخبر، والجمع الأنباء؛ قال الشاعر: [الوافر]
3196ـ ألَمْ يَأتِيكَ والأنْبَاءُ تَنْمِي     ........................
قال أبو مسلم: " يحتمل أن يكون خطاباً من موسى ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ [لقومه، يخوفهم بمثل هلاك من تقدمهم، ويجوز أن يكون مخاطبة من الله تعال على لسان موسى ـ عليه السلام ـ] لقومه: يذكرهم أمر القرون الأولى؛ ليعتبروا بأحوال المتقدمين ".

روي عن عبد الله ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قرأ هذه الآية ثمَّ قال: " كَذبَ النَّسَّابُونَ ".

وعن عبد الله بن عبَّاسٍ ـ رضي الله عنهما ـ قال: بين إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وبين عدنان ثلاثون [أباً] لا يعلمهم إلا الله وكان مالك ابن أنس ـ رضي الله عنه ـ يكره أن ينسب الإنسانت [نفسه أباً أباً] إلى آدم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وكذلك في حق النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ؛ لأنه لا يعلم أولئك الآباء أحد إلا الله تعالى، ونظيره: قوله تعالىوَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً } [الفرقان:38] وقوله:مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ } [غافر:78] وكان ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ في نسبه لا يجاوز معد بن عدنان.

وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: " تَعلَّمُوا من أنْسَابِكُم ما تصلُونَ بِه أرحَامَكُمْ وتعلمُوا مِنَ النُّجُوم ما تَسْتدِلُّونَ بِهِ على الطَّريقِ ".

وقيل: المراد بقولهم: " لا يَعْلمُهمْ " أي: عددهم، وأعمارهم، وكيفياتهم.

وقال عروة بن الزبير: " ما وجدنا أحداً يعرف ما بين عدنان، وإسماعيل ".

قوله: " قَوم نُوحٍ " بدل، أو عطف.

قوله: { وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ } " يجوز أن يكون عطفاً من الموصول الأول، أو على المبدل منه، وأن يكون مبتدأ خبره: { لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ } ، { جَآءَتْهُمْ } خبر آخر وعلى ما تقدم يكون: { لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ } حالاً من " الَّذينَ " أو من الضمير في: " مِنْ بعْدِهمْ " لوقوعه صلة ".

وهذا عَنَى أبو البقاءِ بقوله: حال من الضمير في: " مِن بَعْدهِمْ " ولا يريد به الضمير المجرور؛ لأنَّ مذهبه منع الحال من المضاف، وإن كان بعضهم جوزه في صوره وجوز أيضاً هو والزمخشري أن يكون استئنافاً.

وقال الزمخشري: " والجملة من قوله: { لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ } اعتراض ".

ورد عليه أبو حيان: بأن الاعتراض إنما يكون بين جزءين، أحدهما يطلب الآخر.

ولذلك لما أعرب الزمخشريُّ: " والَّذينَ " مبتدأ، و " لا يَعْلمُهُمْ " خبره، قال: " والجملة من المبتدأ، والخبر اعتراض " ، واعترضه أبو حيَّان أيضاً بما تقدَّم.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10